وفيها نزل الروم على حصن أسفونا (١) ، وملكوه.
سنة اثنتين وستين وأربعمائة
فيها نزل أمير الجيوش سيف الاسلام بدر المستنصري في العسكر المصري على ثغر صور ، محاصرا لعين الدولة ابن أبي عقيل القاضي ، الغالب عليه ، فلما أقام على المضايقة له والاضرار به ، كاتب القاضي ابن أبي عقيل الأمير قرلو مقدم الأتراك (٢) المقيمين بالشام مستصرخا له ومستنجدا به ، فأجابه إلى طلبه وأسعفه بأربه ، وسار بعسكره منجدا له ومساعدا ، ووصل إلى ثغر صيدا ، ونزل عليه في ستة آلاف ، فحصره وضيق عليه وعلى من فيه ، وكان في جملة ولاية أمير الجيوش المذكور ، فحين عرف أمير الجيوش صورة الحال ، ووصول الأتراك لانجاد من بصور واسعاده ، قادته (٦٠ و) الضرورة إلى الرحيل عن صور بعد أن استفسد كثيرا من أهلها والعسكرية بها ، بحيث قويت بهم شوكته ، وزادت بهم عدته ، وتلوم عنها قليلا ، ثم عاود النزول عليها والمضايقة لها ، وأقام عليها في البر والبحر مدة سنة
__________________
ـ ونهبت دورهم وأموالهم ، وأنفذ مسمار واليا على دمشق من قبله يعرف بفتيان ، وراسل مسمار أهل البلد ثانيا بأن يهبوا ويثبوا على المغاربة فيخرجوهم ، واتفق هو وأهل البلد ، فثاروا عليهم ، وتأخر مسمار عنهم ، واقتتلوا فظهر عليهم المغاربة وأحرقوا قطعة من البلد ، ونهبوا أكثره ، ونادوا بشعار بدر الجمالي ، ووصل مسمار بعد ذلك إلى باب البلد ، وقد فات الأمر الذي ورد له ، فراسله المغاربة على أن يمكنهم من المقام في البلد ويعطونه مائة ألف دينار ، فرضي وأقام أياما في المكان ، وطالبهم بالمال ، فلم يعطوه شيئا ، ولم يكن له قدرة عليهم ، فسار إلى السواد وكان ما نهب المغاربة من دمشق يساوي خمسمائة ألف دينار ، وتتبعوا أحداث دمشق ، فقتلوا منهم سبعين حدثا.
ومضى سنان الدولة ولد ابن منزو إلى أمير الجيوش وصالحه وصاهره على أخته ، وعاد إلى دمشق واليا عليها من قبل أمير الجيوش وأطاعته المغاربة ، وسلموها إليه فدخلها ...
وفيها استولى القاضي مختص الدولة ابن أبي الجن أخو حيدرة المقتول على دمشق وطرد نواب أمير الجيوش ، واستولى على صور ابن أبي عقيل ، وعلى طرابلس قاضيها ابن عمار ، وعلى الرملة والساحل ابن حمدان ، ولم يبق لأمير الجيوش غير عكا وصيدا.
(١) حصن كان قرب معرة النعمان بالشام ، معجم البلدان. زبدة الحلب : ٢ / ١٠.
(٢) مقدم جماعة الأتراك الناوكية ، وكانوا من الخوارج على سلطة السلاجقة. انظر كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، ١٥٢ ـ ١٥٦.