إلى قريش بن بدران العقيلي (١) ، وكان قد ظاهر الفساسيري ، فأذم للخليفة في نفسه ، ولقيه قريش أمير بني عقيل ، فقبل الأرض دفعات ، وخرج الخليفة من الدار راكبا ، وبين يديه راية سوداء وعليه قباء أسود وسيف ومنطقة ، وعلى رأسه عمامة تحتها قلنسوة والأتراك [في](٢) أعراضه وبين يديه ، وضرب له قريش خيمة في الجانب الغربي فدخلها وأحدق به خدمه.
وماشى الوزير رئيس الرؤساء أبا القاسم بن المسلمة الفساسيري ويده قابضة على يده وكمه ، وقبض على قاضي القضاة الدامغاني ، وجماعة معه ، وحملوا إلى الحريم الطاهري ، وقيد الوزير والقاضي ، فلما كان يوم الجمعة الرابع (٣) من ذي الحجة ، لم يخطب بجامع الخليفة ، وخطب في سائر الجوامع للمستنصر صاحب مصر ، وفي هذا اليوم انقطعت الدعوة لبني العباس في بغداد.
ولما كان (٥٦ و) اليوم التاسع من ذي الحجة ، وهو يوم عرفة أخرج الخليفة القائم بأمر الله من الموضع الذي كان فيه ، وحمل إلى الأنبار ومنها إلى حديثة عانة على الفرات ، فحبس هناك ، وكان صاحب الحديثة الأمير مهارش هو المتولي لخدمة الخليفة فيها بنفسه ، وكان حسن الطريقة.
ولما كان يوم الاثنين من ذي الحجة شهر الوزير رئيس الرؤساء وزير الخليفة على جمل ، وطيف به في محال الجانب الغربي ، ثم صلب [حيا](٤) بباب الطاق وخراسان وجعل على فكيه كلابان من حديد [وعلق](٥) على جذع ، فمات رحمهالله بعد صلاة العصر ، وأطلق القاضي الدامغاني بمال قرر عليه.
__________________
(١) في الأصل : مؤنس بن بدر الصقلبي ، وهو تصحيف ، صوابه ما أثبتنا من رواية ابن العديم ومما هو معروف في المصادر حول ثورة البساسيري وتاريخ الدولة العقيلية بالموصل.
(٢) أضيف ما بين الحاصرتين من رواية ابن العديم.
(٣) في الأصل «الرابع عشر» وهو خطأ صوابه ما أثبتنا اعتمادا على رواية ابن العديم ، وعلى سياق الخبر في أول المقطع التالي.
(٤) في الأصل : «إلى الحديثة في الفرات» وفيه عدم وضوح ، لذلك تم اعتماد رواية ابن العديم.
(٥) أضيف ما بين الحاصرتين من رواية ابن العديم.