علا ذكره وظهر أمره وكثرت عدته وعدته ، وقويت شوكته ، وجرت له وقائع مع العرب يستظهر فيها عليهم ويثخن فيهم ، فكبر بذلك شأنه ، ثم حسد وسعي فيه إلى الحضرة ، وكوتب الوزير حسن بن صالح في بابه بأمر قرره حسان (٤٧ ظ) بن مفرج بن الجراح ونسب إليه كل قبيح ومحال ، فاستؤذن في القبض عليه ، فأذن له في ذلك ، فقبض عليه بعسقلان بحيلة دبرت له في سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وسأل فيه سعد السعداء فأجيب سؤاله ، لجلالة مكانه ، وأطلق من الاعتقال ، ووصل إلى الحضرة ، وحسنت حالته ، وظهرت هيبته ، وظهرت هيئة إقطاعه وغلمانه ودوابه ، وهو مع ذلك ينفذ رسله إلى الشام وسائر الأعمال ، وتأتيه بالأخبار ويطالع بها ، فكثر تعجب الوزير من يقظته ، ومضاء همته وعزيمته.
وكانت العرب بعده قد استولت على الأعمال ، وأفسدت الشام ، وملك حسان أملاك الملاك ، واتفق الخلف الجاري بين أرباب الدولة عقيب وفاة الحاكم ، وترافع القواد والولاة إلى أن تقررت الحال على صرف الوزير ، وتقليد الوزارة لنجيب الدولة علي بن أحمد الجرجرائي ، فنظر في الأعمال وهذب ما كان مستوليا عليها من الإضاعة والاهمال ، واقتضت الآراء وصواب التدبير تجريد العساكر المصرية إلى الشام ، ووقع الاختيار في ذلك على الأمير منتجب الدولة ، فاستدعاه الوزير علي ابن أحمد الجرجرائي ، وقال له : ما تحتاج إليه لخروجك إلى الشام ودمشق؟ فقال : فرسي البرذعية وخيمة أستظل بها ، فعجب الوزير من مقاله ، واستعاد فرسه المذكورة من سعد السعداء ، وردها إليه وأطلق له خمسة آلاف دينار ، وأصحبه صدقة بن يوسف الفلاحي ناظرا في الأموال ونفقة الرجال ، وجردت العساكر معه ، ولقب بالأمير مظفر منتجب الدولة ، وخلع عليه وخرج إلى مخيمه ، وجملة من جرد معه سبعة آلاف فارس وراجل سوى العرب ، وسار في ذي القعدة [سنة تسع]