مصر (١) ، فزاد عجب الناس وحاروا فيما هم فيه ، وتشاكوا ما ينزل بهم من الأحوال المضطربة (٤٦ و) والأعمال المختلفة.
فوصل الأمير وجيه الدولة أبو المطاع بن حمدان إلى دمشق واليا عليها دفعة ثانية بعد أولى ، وكان أديبا فاضلا شاعرا سائسا مدبرا ، في يوم السبت لست خلون من جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة فأقام في الولاية مدة ، ووصل الأمير شهاب الدولة شحتكين إلى دمشق واليا عليها في يوم الثلاثاء لسبع خلون من رجب من ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربعمائة ، فكانت ولايته سنتين وأربعة أشهر ويومين.
ووصل الأمير وجيه الدولة أبو المطاع بن حمدان إلى دمشق واليا عليها دفعة ثالثة في يوم الأربعاء لسبع خلون من شهر ربيع الأول من سنة خمس عشرة وأربعمائة ، فأقام في الولاية ما أقام مع اختلاف الأحوال إلى أن تقررت الولاية لأمير الجيوش التزبري (٢) في سنة تسع عشرة وأربعمائة.
__________________
(١) ارتبط الاستدعاء الأول لعبد الرحيم بن الياس بمسألة تولية الحاكم له لولاية عهده والصراعات داخل قصر الخلافة في القاهرة وخارجه حول إعلان القيامة ، وأما الاستدعاء الثاني فجاء بعد اختفاء الحاكم بأمر الله واعلان ابنه إماما جديدا باسم «الظاهر» ، ومعنى هذا نهاية القيامة دين الباطن والعودة إلى الأحكام الظاهرة ، هذا وأورد سبط ابن الجوزي [حوادث سنة ٤١١] معلومات جديدة غنية جمعها من مختلف المصادر حول مشكلة مقتل الحاكم ، ثم ختم هذه المعلومات بقوله : وكان ولي عهده [الحاكم] بدمشق واسمه الياس ، وقيل عبد الرحمن وقيل عبد الرحيم بن أحمد ، وكنيته أبو القاسم ، ويلقب بالمهدي ، ولاه الحاكم العهد سنة أربع وأربعمائة.
وقال القضاعي : أنها [ست الملك أخت الحاكم] لما كتبت إلى دمشق بحمل ولي العهد إلى مصر لم يلتفت ، واستولى على دمشق ، ورخص للناس ما كان الحاكم حظره عليهم من شرب الخمر ، وسماع الملاهي ، فأحبه أهل دمشق ، وكان بخيلا ظالما ، فشرع في جمع المال ومصادرات الناس ، فأبغضه الجند وأهل البلد ، فكتبت أخت الحاكم إلى الجند فقبضوه ، وبعثوا به مقيدا إلى مصر ، فحبس في القصر مكرما ، وأقام مدة. ثم روى أنه اغتال نفسه في رواية ، وفي رواية أخرى قتل بأمر من ست الملك.
(٢) كذا في الأصل «التزبري» والأشهر «الدزبري» نسبة إلى مولاه الذي كان ضابطا ديلميا ، اشتراه في دمشق فنسب إليه ، هذا وسبق لي أن تعرضت لشخصية الدزبري وحياته وأعماله في كتابي «إمارة حلب ـ ١٠٠٤ ـ ١٠٩٤ م (بالانكليزية) ص : ١٢٩ ـ ١٣٩ ، هذا وسيرد اسمه في بقية الكتاب «الدزبري».