الظفر ، ووافى العرب من غد بما نهبوه من دواب المسلمين عند الهزيمة ، فمنهم من رد ومنهم من باع بالثمن البخس لأن جيش بن الصمصامة المقدم نادى في معسكره بألا يبتاع أحد من العرب إلا ما عرفه ، وكان مأخوذا منه فلم (٣٦ ظ) يجد إلا ما أخذه أصحابه ، وحصل ولدا الدوقس في أسر بعض المسلمين ، فابتاعهما جيش بن الصمصامة المقدم منه بستة آلاف دينار وأخذهما إليه ، وأقام على حصن أفامية أسبوعا ، وحمل إلى مصر عشرة آلاف رأس وألفي رجل من الأسرى إلى باب أنطاكية ، ونهب الرساتيق ، وأحرق القرى وانصرف منكفئا إلى دمشق ، وقد عظمت هيبته فاستقبله أشرافها ورؤسائها وأحداثها مهنئين وداعين له ، فتلقاهم بالشمسية وزادهم من الكرامة وخلع عليهم [وعلى](١) وجوه الأحداث ، وحملهم على الخيل والبغال ، ووهب لهم الجواري والغلمان ، وعسكر بظاهر البلد ، وخاطبوه في الدخول والجواز في الأسواق ، وقد كانوا زينوها إظهارا للسرور به ، والتقرب إليه ، فلم يفعل ، وقال : معي عسكر وإن دخلت دخلوا معي ، ولم آمن من أن يمدوا أيديهم إلى ما يثقل به الوطأة منهم ، والتمس أن يخلوا له قرية على باب دمشق تعرف ببيت لهيا (٢) ليكون نزوله بها فأجابوه إلى ذلك.
__________________
(١) زيد ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق.
(٢) قال عنها ياقوت في معجمه : قرية مشهورة بغوطة دمشق ، وذكرها كرد علي في كتابه «غوطة دمشق» ص : ٢٢٤ فقال : تسمى بيت ألاهية ، كانت من أعمر القرى ، أشبه ببلدة ، وهي على طريق بغداد القديم بين البساتين حوالي جسر ثورة ، في البقعة التي يقوم عليها المستشفى الانكليزي في القصاع ـ مستشفى الزهراوي حاليا.