أموالهم وكراعهم وسوادهم ، وقد كان معهم ألفا راجل من رجالة حلب جردهم لؤلؤ مع عدة وافرة من الغلمان ، فقتل منهم تقدير الثلاثمائة غلام ، وعاد فلهم إلى حلب ، وجمع رؤوس قتلى الروم نحو عشرة آلاف رأس أنفذت إلى مصر ، وشهرت بها ، وتبع منجوتكين الروم إلى أنطاكية ، وأحرق ضياعها ، ونهب رستاقاتها ، وانكفأ راجعا إلى حلب ، وكان وقت استغلال الغلات ، فأنفذ لؤلؤ من أحرق ما قرب من البلد منها لمضرة العسكر المصري ، وقطع مادة الميرة عنهم والتضييق في الأقوات عليهم ، ورأى لؤلؤ أن قد بطل عليه ما كان يرجوه من معونة الروم وقد أظله من عسكر مصر ما لا طاقة له به ، فكاتب أبا الحسن بن المغربي والقشوري وأرغبهما بالمال ، وبذل لهما منه ما وسع لهما فيه ، وسألهما المشورة على منجوتكين بالإنصراف إلى دمشق والمعاودة إلى حلب في العام المقبل وتصيّرا السبب في هذا الرأي ما عليه الأمر من عدم الميرة ، وتعذر الأقوات والعلوفات ، فطاوعاه ووعداه ، وخاطبا منجوتكين في ذلك ، فصادف قولهما منه تشوفا إلى دمشق إلى خفض العيش فيها ، ضجرا من طول السفر ، ومباشرة الحرب فكتب وكتب الجماعة إلى العزيز بالله إليه الحال في تعذر الأقوات وأنه لا قدرة للعسكر (٣٠ ظ) على المقام مع هذه الصورة ويستأذنوه في الإنكفاء إلى دمشق ، فقبل أن يصل الكتاب ويعود الجواب رحل منجوتكين عائدا.
وعرف العزيز ما كان منه فغاظه ووجد أعداء ابن المغربي طريقا إلى الطعن عليه والوقيعة فيه ، فصرفه وقلد صالح بن علي الروذباري موضعه ، وأنفذه ، وأقسم العزيز أنه يمد العسكر بالميرة من غلات مصر ، فحمل مائة ألف تليس ، والتليس قفيزان بالمبدل ، في البحر إلى طرابلس ، ومنها على الظهر إلى أفامية ، وعاد منجوتكين في العسكر في السنة الثانية إلى حلب ونزل عليها ، وصالح بن علي المقدم معهم ، وكان يوقع للغلمان بجراياتهم وقضيم دوابهم إلى أفامية ويمضون خمسة وعشرون فرسخا