الحثيث ، آمين أما بعد ، فإن طلب الإسناد من الدين ، وفي قربه قرب ربّ العالمين ، ولولاه لقال ما شاء (١٦٠ ب) وأراد ، واختلق ما اختار وسلم من النقاد ، طالما افتضح به الكذابون ، ورقى به أوج السعادة الصادقون ، ولنعم العلم هو إذا اقترن به مع الرواية الدراية ، ولعمري لقد أحرز معها من هذا المضمار الغاية ، لا كمن يقتصر على الفرق بين الخباط والخناط (١) ، وقصاراه أن يعرف من يكنّى بأبي محمد الهلالي أو يلقب بسناط ، وإذا نشرت له مسألة علمية تراه قد طوى من تحتها البساط ، وقد قيّض الله في كل عصر أقواما لهذا المطلب العالي ، فبذلوا الوسع في سماع النازل والعالي ، وصرفوا نقد أعمارهم على تحصيل هذا العلق النفيس الغالي ، فلله در هاتيك العصابة ، التي فوقت (٢) لهذا الغرض سهام الإصابة ، وارتحلت للبلاد الشاسعة والأقطار ، وركبت البحار وجابت القفار ، ولقيت الأخطار ، حتى توضحت لهم المهمات ، وتميزت لديهم الضعفاء من الثقات ، وقد اطلع الله سبحانه وتعالى منهم بأفق شهبائنا واسطة عقدهم ، ودرة تاج مجدهم ، واحدهم الذي لا يقاوم ولا يقاول ، وأوحدهم الذي لا يشابه ولا يماثل ، علامة قطر العراق ، ومن ثبت له الفضل بالاستحقاق ، وصار تفرده وتفوقه كلمة اتفاق ، وسارت (١٦١ أ) بمعارفه الركبان ، وتناقلتها الرواة في البلدان ، واعترف بها الخاص والعام ، وقصرت عن استيفائها أفواه الدوى (٣) وألسنة الأقلام ، وألفاظ المنشئين وأفكار النظام ، جناب سيدنا ومولانا الشيخ عبد الله أفندي السويدي ، الذي ساد أهل السواد ، وألزم العجم ولمذهب أهل السنة أشاد ، وأفحم بمباحثاته أهل الغواية ، وأني رفعوا راية علم نقلي أو عقلي كان على آية تلك الراية ، أدامه الله لفضل ينشره بين أهله ، ويسوقه كالهدي إلى محله ، فنشر من فضائله ما نشر ، إلى أن صغر الخبر (٤) الخبر ، ورأيناه كزيد
__________________
(١) الخباط : داء كالجنون والخناط : الداهية.
(٢) فوق عليه : علاه.
(٣) الدوى : جمع دواة ، وهي المحبرة ، وفي ب سقطت (أفواه).
(٤) الخبر : التجربة.