توفي المعتضد يوم الاثنين لأربعة عشر ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين.
وولي المكتفي بالله أبو محمد طلحة ووردت كتب عج بن حاج على عثمان بن أبي الخير وأسعد بن أبي يعفر بتجديد ولايتهما.
وفي ذلك الوقت اشتد القحط باليمن ومات أكثر الناس جوعا. وبلغ ثلثي ميكال (١) بدينار وأكل [٢٣ ـ ب] الناس الميتة والدم. وأكل الناس بعضهم بعضا وخربت قرى كثيرة مات أهلها من الجوع (٢).
وفي ذلك الوقت قتل أبو جعفر إبراهيم المناخي (٣) وابن عمه أبي
__________________
(١) كذا في الأصل صوابه مكيال (معروف).
(٢) بهجة الزمن : ٤٨ وانظر التاريخ للمجهول (لوحة ١٢٥) وفيه زيادة توضيح يقول «وقد كان اشتد القحط باليمن ومات أكثر الناس جوعا وبلغ البر بصنعاء ثلثي مكوك وأكل الناس الميتة والدم وأكل بعضهم بعضا وخربت قرى من الجوع ومات أهلها حدثني القاضي الحسين بن محمد ان جده عبد الأعلى بن محمد أخبره : ان السعر بصنعاء في الشدة سنة تسعين ومائتين كان بلغ نصف مكوك بدينار حلق وزن المكوك ثمانية عشرة رطلا والمد الأيوبي اثنا عشر رطلا وهو منسوب إلى أيوب بن يحيى قال فحسبنا التسعة الأرطال فجاءت خمسين ألف حبة. وحدثني القاضي سليمان بن محمد أن أباه أخبره ان المستغفر للموتى كان يقول : رحم الله من قبر من زاد على ألف وكانوا يقولون قل الموت اليوم مات سبعمائة يقين وأكل قوم من صنعاء من لحم جفتم وكل ذلك في آخر الشدة التي أكل الناس فيها بعضهم بعضا قال ابن عبد الوارث سمعت أبا محمد عبد الله بن عبد الصمد يقول : مروا حمالون يحملون حمارا ميتا في زمان ابن عبد الله سنة ست وستين ومائتين وخلفهم نسوة كثير يتبعنه يردن أكل لحمه حتى يوضع ومعي أيوب بن صبارة فقلت له يا أبا الهيثم ما تقول في هذا وأكله فقال اختلف الفقهاء قال بعضهم يأكل منه ما يمسك نفسه فقلت ما تقول في ذا قال أحب إلي أن يأكل من ذا ما يمسك نفسه قال أبو محمد : كانت الشدة في زمان عبد الله بن عبيد الله الوالي على اليمن سنة سبع عشرة وثماني عشرة وتسع عشرة ثلاث سنين ولقد كان ابن عبيد الله يمر إلى مسجد الجامع فما كان له طريق في السوق إلّا مثل طريق النمل من كثرة الموتى من هنا وهناك.
(٣) في سيرة الهادي : ٣٨٩ «جعفر بن إبراهيم المناخي».