وفي هذه الأيام غلا الطّعام حتى بلغت الكيلجة (١) البر أربعين درهما ، وقل حتى لم يوجد ، وكان عامة الناس يأكلون اللّحم بلا خبز ثم أكلوا الثّخ (٢) والقباط (٣). ثم أكلوا الفجل. وتضايقت الأحوال في جميع اليمن.
وأقام جعفر في صنعاء إلى يوم النصف من رجب. وخرج إلى شبام وخلف بصنعاء شريفا من الرسّ يسمّى داؤد ويكنى بأبي هاشم فأقام في دار أحمد بن العكي.
وزاد تضايق الأسعار فبلغت كيلجة البر دينار ووزن الكيلجة اثنين وعشرين رطلا بالبصري ، وقلّ في كل بلد. وكثر المساكين من أهل صنعاء ومن غيرهم ، فمات منهم في شهر [٥٢ ـ أ] رمضان عدة جوعا. وذلك في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
ووقع في رمضان غيث عظيم في كل بلد وجعفر بن الإمام بين شبام وحلملم (٤) إلى آخر شعبان.
هذا وسار إلى المشرق في لقاء ابن أبي الفتوح فالتقيا بضبوة وتحالفا ورد على أسعد مخلافه ، وذكر إنما عمله بأمر أبيه القاسم بن علي فأقام بصنعاء فعزّم الناس وأتعبهم أشد التعب إلى يوم الجمعة لسبع مضين من شهر شوال سنة إحدى وتسعين. وخرج إلى أبيه القاسم وأخذ معه قوما من أهل صنعاء وكان قد وصل إليه جماعة من بني أبي الفتوح منهم أبو العشيرة والمغيث والمنصور بن أسعد وفي جملتهم جماعة منهم فوصلوا إليه إلى ورور وسألوه
__________________
(١) الكيلجة : كيل معروف لأهل العراق وهي منا وسبعة اثمان منّ معرب كيلة بالفارسية (محيط : ٨٠١).
(٢) التخ : هو عصارة السمسم المتبقية بعد نزع الزيت منها.
(٣) القباط : نوع من الخبز. وفي اللسان القبّاط والقيّط : الناطف وهو نوع من الحلوى.
(٤) قريتان من عزلة الأشمور وأعمال عمران وهما في محاذاة جبل المصانع من الشمال (المعجم : ١٨٨).