وفى سنة أربع وستين وسبعمائة ، عصى على المجاهد ابنه المظفر يحيى ، وأفسد المماليك ، وهجم على اسطبل أبيه ومناخه ، فأخذ من الخيل والجمال ما أحبّ ، وقصد عدن ، واستخدم جماعة من العقارب ، وأمرهم أن يتقدموا قبله لباب عدن ، فلما قدّر أنهم بالباب ، تلاهم فيمن معه من المماليك ، فألفوا جملا يحمل بطيخا ، فنزلوا إليه واشتغلوا بأكله ، وكان العقارب واقفين بباب عدن ينتظرون وصول المظفر ، وتشوّش البوابون بعدن من طول وقوفهم ، فنحّوهم عن الباب ، فما امتثل العقارب قول البوابين ، وظهر للبوابين من العقارب ما أحوجهم إلى طردهم وإغلاق الباب ، وبعد إغلاقه ، وصل المظفر ومن معه ، ففاتهم قصدهم ، وبرز لهم من عدن أميرها وأصحابه.
فقاتلوا المظفر ومن معه ساعة ، وقصد المظفر بعد ذلك لحج وأبين ، وقبض وزير أبيه محمد بن حسّان وابنه عليا بأبين ، وصادرهما ثم أطلقهما ، ولما علم أبوه بخبره ، بعث عسكرا لقتاله ، فلقيهم المظفر بالشّراجى ، فكان الظّفر له ، وتوجّه المجاهد بسبب ابنه إلى عدن ، وبعث عسكرا لابنه المظفر ، فما ظفروا به. ثم تمنّى المجاهد حضوره إليه بعدن ، وأن يفوّض إليه الأمر ، لّما مرض مرضه الذى مات به.
وكان موته فى يوم السبت الخامس والعشرين ، من جمادى الأولى سنة أربع وستين وسبعمائة بعدن ، عن ثمان وخمسين سنة ، وقيل سبع وخمسين سنة ، وتسلطن عوضه ابنه الملك الأفضل عباس ، وحمل أباه إلى تعزّ ، فدفنه بالمدرسة التى أنشأها أبوه بالجبيل بتعز ، فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ، ووقفها على جماعة من الفقهاء والمحدّثين والصوفية وغيرهم.
ومن مآثره : جامع أنشأه بالنّويدرة خارج زبيد ، فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ، وزيادة بجامع عدينة بتعزّ ، وهى بالجانب الغربى منه ، وجامع ثعبات ، ومسجد عند بستان الرّاحة ، المعروف بحائط لبيق ، خارج باب زبيد ، المعروف بباب الشّبارق ، وله على ذلك أوقاف جيّدة. وكان له حظّ من العلم ، وشعر صالح.
وبلغنى عن الشيخ عبد الله اليافعىّ شيخ مكة ، أنه قال : إن المجاهد أفضل أهل بيته ، وعندى فى ذلك نظر ، بالنسبة إلى جدّه المظفر ، والله أعلم.
ومن أخباره فى الجود ، ما حكاه عنه فقيه اليمن وقاضى قضائه ، جمال الدين محمد بن عبد الله الريمىّ ، شارح «التنبيه» وغيره ، وكان خصيصا بالمجاهد قال : أعطانى السلطان الملك المجاهد ، فى أول يوم دخلت عليه ، أربعة شخوص من الذهب ، وزن كلّ واحد