بشعار المجاهد ، وأمر المجاهد عمّه المنصور ، أن يكتب إلى ابنه الظاهر عبد الله ، وكان بالدّملوة ، يأمره بتسليمها للمجاهد ، فامتنع من ذلك ، فبعث إليه المجاهد عسكرا ، فأحسن الظاهر إلى بعض مقدّميهم فرحل ، وتلاه الباقون ، وأعرضوا عما فى المحطّة ، وكان شيئا كثيرا ، وكانت المحطة بالمنصورة ، ودام الحرب والحصار بين الفريقين نحو شهرين.
وفى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة ، مات المنصور والد الظاهر ، وبعث الظاهر حسن ابن الأسد فى عسكر ومال جزيل إلى الجند ، فاستولوا عليها ، ومال إليهم بعض من كان فيها من قبل المجاهد من المماليك البحرية ، وحلفوا للظاهر ، وكان أخذهم للجند فى ثالث عشرى ربيع الأول ، وأتى هذا العسكر إلى تعزّ وحطّوا على الحصن ، وأتاهم من صوب الدّملوة الغياث بن الشيبانى فى عسكر أنفذه الظاهر ، فحطّ معهم على حصن تعز ، ثم رحلوا بعد سبعة أيام ، وقتل من أصحاب الظاهر ، أزيد من مائة نفر ، ولم يقتل من أهل تعز ، إلا اثنا عشر رجلا ، ومضى جماعة من المماليك إلى الظاهر ، فأحسن إليهم وطيّب خواطرهم ، ولم يسهل ذلك بالمجاهد ، وقطع الجامكيّة عن المماليك ، فتعبوا لذلك ، وجاهروا المجاهد بالقبيح والأذى ، فأمر صائحا بإباحة قتل المماليك وأسرهم ونهبهم ، فقتل منهم ستة عشر نفرا ، ومضوا إلى زبيد ، فدخلوها بإعانة متولّيها محمد بن طريطان ، وكان من أعيان المماليك ، وبإعانة بعض أهل زبيد ، وملكوها للظاهر ، وكان استيلاؤهم على زبيد فى غرة سنة ثلاث وعشرين. ولما علم بذلك المجاهد ، بعث إليهم عسكرا مقدمهم نجم الدين أزدمر ، وكانوا خمسمائة فارس وستمائة راجل ، فخيموا بحائط المنصورة ، بين القرتب وزبيد ، فخرج إليهم من زبيد المماليك فى حال غفلة من أصحاب المجاهد وافتراق ، فقتل المماليك معظم عسكر المجاهد ، وأسروا مقدمهم ، وذلك فى ثامن رجب سنة ثلاث وعشرين.
وفى آخر شعبان منها ، خطب للظاهر بعدن ، والذى أخذها له ، عمر بن الدّوادار بإعانة بعض المرتّبين من يافع ، وقبض على نائبها للمجاهد ، وأنفذه إلى الظاهر ، وأرسل الظاهر إلى عدن ، من أتاه منها بخزانة جيّدة ، فى الحادى والعشرين من شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين ، وقدم إلى تعزّ ، عمر بن باليل الدوادار العلمى بعد نهبه للجند ، فحطّ فى الجبيل موضع المدرسة المجاهدية والأفضلية ، وأمر بإحضار المنجنيق من عدن ، فأحضر بعضه فى البحر إلى موزع ، وبعضه فى البر على أعناق الرجال ، وركّب ورمى به إلى الحصن ، فما أثّر شيئا ، واستدعوا من الظاهر منجنيقا آخر ، فأنفذه إليهم من الدّملوة.
وممن وصل معه الغياث بن بوز ، وكان قبل ذلك من أصحاب المجاهد ، وكان يرمى