__________________
(٣٦) يقصد يزيد ابن أبي مسلم : هو أبو العلاء يزيد بن مسلم دينار الثقفي. كان مولى الحجاج بن يوسف الثقفي وكاتبه ، وكان فيه كفاية ونهضة ، قدمه الحجاج بسببهما الحجاج لما حضرته الوفاة استخلفه على الخراج بالعراق ـ فلما مات الحجاج أقره الوليد بن عبد الملك على حاله ولم يغير عليه شيئا. وقيل إن الوليد هو الذي ولاه بعد موت الحجاج ، وقال الوليد يوما : مثلي ومثل الحجاج وابن أبي مسلم كرجل ضاع منه درهم فوجد دينارا. ولما مات الوليد وتولى أخوه سليمان عزل يزيد بن أبي مسلم وبعث مكانه يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي وأحضر إليه يزيد بن أبي مسلم في جامعة ، وكان رجلا قصيرا دميما قبيح الوجه عظيم البطن تحتقره العين ، فلما نظر إليه سليمان قال : أنت يزيد بن أبي مسلم؟ قال : نعم أصلح الله أمير المؤمنين قال : لهن الله من أشركك في أمانته وحكمك في دينه ، قال : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فإنك رأيتني والأمور مدبرة عني ، ولو رأيتني والأمور مقبلة علي لاستعظمت ما استصغرت ولاستجللت ما احتقرت ، فقال سليمان : قاتله الله ، فما أسد عقله وأعضب لسانه! ثم قال سليمان : يا يزيد ، أترى صاحبك الحجاج يهوي بعد في نار جهنم أم قد استقر في قعرها؟ فقال يزيد : لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين ، فإن الحجاج عادى عدوكم ووالى وليكم ، وبذل مهجته لكم ، فهو يوم القيامة عن يمين عبد الملك وعن يسار الوليد ، فاجعله حيث أحببت. وفي رواية أخرى : إنه يحشر غدا بين أبيك وأخيك ، فضعهما حيث شئت ، قال سليمان : قاتله الله ، فما أوفاه لصاحبه! إذا اصطنعت الرجال فلتصطنع مثل هذا ، فقال رجل من جلساء سليمان : يا أمير المؤمنين ، اقتل يزيد ولا تستبقه ، فقال يزيد : من هذا؟ فقالوا : فلان بن فلان ، قال يزيد : والله لقد بلغني أن أمه ما كان شعرها يوازي أذنيها ، فما تمالك سليمان أن ضحك وأمر بتخليته. ثم