بمقدمة كتابه أنه ألفه إجابة لطلب الإمام المولى الشاهيني أستاذ المدرسة
الجقمقية في دمشق ، وقال : «وعزمت على الإجابة لما للمذكور علي من الحقوق ، وكيف
أقابل بره حفظه الله بالعقوق ، فوعدته بالشروع في المطلب عند الوصول إلى القاهرة
المعزية». وجعل عنوانه أولا «عرف الطيب في التعريف بالوزير ابن
الخطيب» فلما رأى مادته قد اتسعت لتشمل الأندلس أدبا وتاريخا ، عمد إلى تغيير
عنوانه ليصير «نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين ابن الخطيب».
وجعل المؤلف كتابه قسمين كبيرين : يشمل الأول رحلة المؤلف ، ووصف جزيرة الأندلس
وما تحويه من المحاسن ، وفتح المسلمين لها ، ومن تعاقب عليها من الأمراء والخلفاء
إلى ملوك الطوائف ، ووصف قرطبة ومحاسنها ، وتراجم من رحل من الأندلسيين إلى بلاد
المشرق ، وفيهم جماعة من النساء ، وذكر مذاهب الأندلسيين وسائر أحوالهم إلى خروجها
من أيدي المسلمين ، ويشتمل القسم الثاني على ترجمة مفصلة ل «لسان الدين بن الخطيب»
وأقواله ، وأشعاره ، ومشايخه ، وغير ذلك. وفي كل باب من أبواب الكتاب يحشد «المقرى»
مجموعة هائلة من المعلومات التاريخية والجغرافية والأدبية والاجتماعية ، منقولة من
كتب مختلفة ، يعتبر أكثرها في حكم المفقود وما يجعل للكتاب قيمة لا تقدر ، ويصفه
في طليعة المراجع الأولى لتاريخ أسبانيا الإسلامية ، من أيام الفتح إلى آخر أيام
استردادها ، وفي تاريخ الحقبة الأخيرة هو المرجع الوحيد. ويحوى القسم الأول من
الكتاب بعض الرسائل الهامة كاملة ، مثل رسالتي «ابن حزم» و «الشقندى» في فضل
الأندلس. وفي الفصل الخاص بقرطبة يعقد مقارنات بينها وبين بعض بلاد الأندلس الأخرى.
ويروى الطرائف عن أهلها ،