إلى بعض أصحابه ، ذكر له فيه هذه القضية ، فأحببت ذكر ذلك لما فيه من الفائدة.
قال : وينهى صدورها من مكة ـ حرم الله تعالى ـ العشرين من شهر ذى الحجة ، بعد توجه الركب السعيد ، على الحالة التى شاع ذكرها ، ولا حيلة فى المقدور ، والله ما لأحد من أهل الأمر ذنب ، لا من هؤلاء ، ولا من هؤلاء ، وإنما الذنب للعامة والرعاع والعبيد والنفرية ، على سبب مطالبة من أخدام الأشراف للعراقيين بسبب عوائدهم ، حصلت ملالاة أو جبت مغازاة ، فقامت الشوشة والخطيب على المنبر ، وكان السيد سيف الدين عند أمير الركب جالسا ، فقام ليطفئ النار من ناحية ، فالتفحت من نواحى. وقام الأمير سيف الدين ليساعده ، فاتسع الخرق ، وهاج الناس فى بعضهم بعضا. فمات من مات ، وفات من فات. ولزم الأشراف مكانهم بأجياد ، ولم يخرج أحد منهم إلى القتال ، إلا من انخلس من الفريقين. انتهى.
٨٠٤ ـ آل ملك ، ويقال : الحاج الملك الأمير ، نائب السلطنة بمصر ، الأمير سيف الدين :
كان من أعيان الأمراء بالقاهرة ، فى دولة الناصر محمد بن قلاوون ، وولى بعده نيابة السلطنة بمصر ، نحو سنتين ، أو أزيد للملك الصالح إسماعيل بن الملك الناصر ، فلما مات الصالح ، وتسلطن عوضه أخوه الكامل شعبان ، نقله إلى نيابة صفد (١) ، ثم طلبه وبعثه ـ على ما بلغنى ـ إلى الإسكندرية معتقلا ، وبها مات مقتولا ، فى آخر سنة ست وأربعين ، أو فى سنة سبع وأربعين ، وكان فيه خير.
وله مآثر ، منها : مدرسة مشهورة بقرب مشهد الحسين بالقاهرة ، وجامع بالحسينية ، ومطهرة بمكة ، والربع الذى فوقها. وأظنه وقفا عليها وهى بقرب باب الحزورة. ويقال له الآن بيت العطار ، وعمر بركة السلم بطريق منى بقرب منى ، وأجرى إليها عينا من منى ، وبركتى المعلاة اللتين على يسار الخارج إلى المعلاة ، وغير ذلك بمكة ، وآبارا بطريق الحجاز.
* * *
__________________
٨٠٤ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٥٣ ، أعيان العصر ١ / ٧٠ ، درة الأسلاك سنة ٧٤٦ ، الوافى ٩ / ٣٧٢ ، الدرر ١ / ٤٣٩ ، الحفظ ٢ / ٣٠٩ ـ ٣١٠ ، المنهل الصافى ٢ / ٨٥).
(١) صفد : مدينة فى جبال عاملة مطلة على حمص بالشام وهى جبال لبنان. انظر : معجم البلدان (صفد).