وهو ... طوعا فى الإسلام ، فلمّا أتى رسول حسان وقف بين يدى خالد فى زىّ
سائل فلمّا رآه [ابن] يزيد علم أنه ... فكتب الله تعود إلى ، فلمّا أن خلا أخذ منه
الكتاب وقرأه وكتب فى ظهره : إنّ البربر متفرقون ولا يتحدون وإنما ابتلينا بأمر أراده الله عسى أن يكرم به من مضى
منا بدرجة الشهادة ...
حتى خرجت
الكاهنة ناشرة شعرها تضرب صدرها ، وتقول : «ويلكم مضى ملككم فيما يأكله الناس!»
فافترقوا يمينا وشمالا يطلبون الرجّل ، فستره الله تعالى حتى وصل إلى حسان فكسر
الخبزة فأصاب الكتاب الذى كتبه [ابن] يزيد قد أفسدته النار ... فقال له حسان : «راجع
إليه» قال : «إنى أخاف الموت فإن الكاهنة لا يخفى عليها شىء من هذا قال [حسان] :
أنا اخفيه لك فى مكان لا يجده أحد ثم عمد إلى قربوس سرجه ، فنقر فيه ، وأدخل
الكتاب وسدّ عليه بشمع ، ومضى الرجل حتى أتى [ابن] يزيد ، فدخل إليه وعرفه أن
الأول أحرقته النار فردّ جوابه ووضعه فى قربوس سرجه ومضى ، فخرجت الكاهنة ناشرة
شعرها وهى تنادى : «ذهب ملككم فى شىء من نبات الأرض وهو بين فرجين» وكانت الكاهنة
قد ملكت إفريقية خمس سنين منذ هزمت حسان ، فلما أبطأ العرب عنها قالت للبربر : «إن
العرب إنما يطلبون من إفريقية المدائن والذهب والفضة ، ونحن إنّما نطلب منها
المزارع والمراعى ، فما نرى لكم إلّا خراب إفريقية حتى ييأسوا منها ، ويقل طمعهم
فيها» فوجهت قوما إلى ناحية يقطعون الشجر ، ويهدمون الحصون.
قال
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم : فكانت إفريقية من طرابلس إلى طنجة ظلا وقرى متصلة
فأخربت جميع ذلك ، ورحل حسان إليها فلقيه من النّصارى فى طريقه
__________________