لإبراهيم بن الأغلب ، واشتدت لظاته بلغه ما اجتمع لإدريس بن إدريس بن عبد
الله بن حسن بن حسين بن على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ من الجموع وأطاعه من
حوله من القبائل ، فدعا يحيى بن الفضل صاحب البريد وابن غانم القاضى وابن عوانة
الكلبى ، فشاورهم فى أمر إدريس ، وتكلم بكلام كثير ، فقالوا : «أصلح الله الأمير ،
قد علم من حضر وغاب من أمر المغرب إنه لم يظفر بمثل ظفرك ، ولا كان له ما كان لك ،
فدع ابن إدريس ما وادعك ، وأرض لك وله بالسلامة ...
قال بعضهم : إن
ابن إدريس لم يجتمع إليه إلا ... [فقال ابن] غانم : «وما هو هذا؟» قال : «السم
القاتل من ساعته!» قال : «أرنيه» فدفعها إليه ، فضرب بها ابن غانم عمودا كان فى
المجلس ، فكسرها وأراق ما فيها ، فقال له : «ما صنعت ويحك؟!» قال : «أو أترك معك
ما يقتل الناس اغتيالا»
وشق إبراهيم بن
الأغلب يوما سماط القيروان ومعه ابن غانم من باب أبى الربيع ، فلما صار إلى موضع
البزازين ، وزادت دابته فى المشى ، فجازت دابة ابن غانم ، فجازه فى المشى ، فلما
رأى ذلك وجه دابته إلى داره ، فأرسل إليه إبراهيم وقال له : «ما حملك على أن عطفت
حتى فارقتنى؟» فقال : «أصلح الله الأمير ، إنما القاضى بحرمته وإنما تنفذ أحكامه
بقدر نفوذ جأشه وتحركت دابتك فلو ساعدتك وحركت دابتى سقطت قلنسوتى ، وإذا سقطت
قلنسوة القاضى لعب بها الصبيان!».
قال : وكان
إبراهيم بن الأغلب جالسا يوما وعنده ابن غانم فدخل عليه صاحب بريد إفريقية ، وقد
وردت عليه كتب من هارون الرشيد فدفع الرسول إلى إبراهيم كتابه وإلى ابن غانم كتابه
، فقرأ إبراهيم كتابه ودفعه إلى ابن غانم ، فقرأه ورده على إبراهيم ، فقال له
إبراهيم : «هات كتابك اقرأه ... من ذلك» فقال له : «فلم قرأت كتابى؟!» قال : «أنت
دفعته إلى ومددت به يدك ، وكرهت أن أردها ، وأما أنا فلست أطلعك عليه فإن أمير
المؤمنين أسر إلى فيه شيئا لا أطلع عليه أحدا» فقال له إبراهيم : «أما علمت أنه
يقال إن أمير إفريقية يقتل قاضيها؟!» قال : «أعلم أن قد ذكر ذلك ، ولكن لست ذلك