والياقوت معلقا ، ولباسهم أقبية الديباج المدثر عشرة صنوف ، كل صنف منها على قد واحد وزي واحد ولون واحد من ملابس الديباج ، ولا يزالون كذلك وكلما التحى واحد منهم أو مات أتي بغيره مكانه في الوقت والحال. وكان على مربطه تسعة آلاف فيل ، منها ألفان وسبعمائة فيل أشد بياضا من الثلج ، ومنها ما ارتفاعه أربعون شبرا ، مات منها فيل فوزن أحد نابيه فوجد مائتين وأربعين منا بالبغدادي.
ولما ملك الاسكندر فارس والمغرب والشام وبنى الاسكندرية ودمشق وغيرهما وأحاديثه طويلة ارتحل نحو الهند والسند والصين فوطئ أرضها وأذل ملوكها ، وأهديت إليه الهدايا من الترك والتبت وغيرهم إلى أن أنهى مطلع الشمس من العمران ، وكان معلمه أرسطاطاليس ، فبلغه أن بأقصى الهند ملكا عادلا من ملوكهم وهو ذو حكمة وديانة وسياسة وقد أتى عليه مئات من السنين وهو قاهر لطبيعته مميت لشهوات نفسه ، يتجمل بكل خلق كريم ويظهر بكل فعل جميل. فكتب إليه الإسكندر يقول : إذا أتاك كتابي هذا فلا تقعد ولو كنت ماشيا ، حتى تأتيني وإلا مزقت ملكك وألحقتك بمن مضى.
فلما ورد الكتاب على ملك الهند كتب جوابا للإسكندر بأحسن خطاب وألطف جواب ، ولقبه بملك الملوك العادلة وأعلم الإسكندر في جوابه أنه قد اجتمع عنده أشياء لم تجتمع عند ملك من ملوك الدنيا ، من ذلك ابنة لم تطلع الشمس على أحسن صورة وهيئة منها ، ومنها فيلسوف يخبرك عن مرادك من قبل أن تسأله ؛ ومنها طبيب لا تخشى معه من الأدواء والأمراض والعوارض إلا ما جاء من قبل الموت ، ومنها قدح إذا ملأته شرب منه عسكرك بجمعه ولا ينقص من القدح شيء ، وإني مهد جميع ذلك إلى ملك الملوك وسائر إليه.