قطعت من القلزم إلى حد العراق (٢٨) في البرية على خط مستقيم ، وشققت أرض السماوة ، ألفيته نحو شهر.
ومن العراق إلى نهر بلخ نحو شهرين ، ومن نهر بلخ إلى آخر بلاد الإسلام في حد فرغانة نيف وعشرون مرحلة ، ومن هذا المكان إلى بحر المحيط من آخر عمل الصين نحو شهرين ، هذا في البر.
وأما من أراد قطع هذه المسافة من القلزم إلى الصين في البحر طالت المسافة عليه ، وحصلت له المشقة العظيمة ، لكثرة المعاطف والتواء الطرق واختلاف الرياح في هذه البحور ، وأما بحر الروم فإنه يأخذ من المحيط الغربي ، كما تقدم بين الأندلس وطنجة.حتى ينتهي إلى ساحل بلاد الشام (٢٩) ، ومقدار ما ذكر في المسافة أربعة أشهر. وهذا البحر أحسن استقامة واستواء من بحر فارس ، وذلك أنك إذا أخذت من فم هذا الخليج ، يعني من مبدئه ، إلى المحيط أتتك ريح واحدة إلى أكثر هذا البحر. وبين القلزم الذي هو لسان بحر فارس وبين بحر الروم ، على سمت القبلة ، أربع مراحل. وزعم بعض المفسرين في قوله تعالى : («بَيْنَهُما بَرْزَخٌ)(٣٠)(لا يَبْغِيانِ»)(٣١) أنه هذا الموضع :
__________________
(٢٨) العراق : قال قطرب : إنما سمي العراق عراقا لأنه دنا من البحر ، وفيه سباخ وشجر ، وقال الخليل : العراق شاطئ البحر وسمي العراق لأنه على شاطئ دجلة والفرات مدا حتى يتصل بالبحر على طوله ، وقال الأصمعي : هو معرب عن ايران شهر ، ويقال بل هو مأخوذ من عروق الشجر.
(٢٩) الشأم : بسكون الهمزة ، وفتحها ، وحذفها ، ومدها ، وقد تذكر وتؤنث ، وقيل سميت بسام بن نوح بعد تغيير سينها بشين على مبدأ تبادل الحرفين بين بعض اللغات السامية. الشام تاريخيا يشمل : سورية والأردن ولبنان وفلسطين ، كان أول دخول المسلمين الشام زمن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة ثم افتتحوا كل بلاد الشام في زمن عمر رضي الله عنه.
(٣٠) البرزخ : Barrier هو : الحاجز بين الشيئين ، والمانع من اختلاطهما وامتزاجهما.
(٣١) سورة الرحمن : آية ٢٠.