ومزارع كثيرة ، وهي مرابع الأتراك ، وبها يعمل من الآلات الحديد الصيني كل غريب ، وبها من الآنية الصينية ما لا يوجد في غيرها.
وأما أرض الصين : فإنها طويلة عريضة ، طولها من المشرق إلى المغرب نحو ثلاثة أشهر ، وعرضها من بحر الصين إلى بحر الهند في الجنوب ، وإلى سد يأجوج ومأجوج في الشمال. وقد قيل إن عرضها أكثر من طولها. وهي تشتمل على الأقاليم السبعة. ويقال إن بها ثلثمائة مدينة قواعد كبار عامرة ، سوى الرساتيق والقرى والجزائر. وعندهم معدن الذهب. قال الهروي : أبواب الصين اثنا عشر بابا وهي جبال في البحر ، بين كل جبلين منها فرجة تصير إلى موضع بعيد من بلاد الصين فإذا جاوزت السفينة تلك الأبواب جازت في بحر فسيح وماء عذب فلا تزال كذلك حتى تصير إلى الموضع الذي تريد من بلاد الصين.
وأهل الصين أحسن الناس سياسة وأكثرهم عدلا وأحذق الناس في الصناعات والنقوش والتصوير. وإن الواحد منهم ليعمل بيده من النقش والتصوير ما يعجر عنه أهل الأرض وكان من عادات ملوكهم أن الملك منهم إذا سمع بنقاش أو مصور في أقطار بلاده أرسل إليه بقاصد ومال ورغبه في الإشخاص إليه ، فإذا حضر عنده وعده بالمال والرزق والصلات ، وأمره أن يصنع تمثالا مما يعلمه من النقش والتصوير ، ويبذل في ذلك غاية جهده ومقدرته ويحضر به إليه ، فإذا فعل وأحضره علق ذلك الصنع والتمثال بباب قصر الملك وتركه سنة كاملة ، والناس يهرعون إليه في تلك المدة ، فإذا مضت السنة ولم يظهر أحد من الناس على عيب به وخلل في صنعه ، أحضر ذلك الصانع وخلع عليه وجعله من خواص الصناع في دار الصناعة ، وأجرى عليه ما وعده به من المال والصلة والإدرار.