فقال : هذا والله البيان ، وكتم أمره وما يريده ، وقال لابن أخيه وداعة ابن عمرو : إني سأشتمك في المجلس فالطمني ، فلطمه ، فقال عمرو : والله لا أسكن بلدا لطمت فيه أبدا. من يشتري مني أموالي؟ قال : فوثبوا واغتنموا غضبته وتزايدوا في ماله فباعه.
فلما أراد الظعن قالت طريفة : من كان يريد خمرا وخميرا ، وبرا وشعيرا ، وذهبا وحريرا ؛ فلينزل بصرى وسديرا.
ومن أراد الراسيات في الوحل ، المطعمات في المحل ؛ فليلج يثرب ذات النخل.
ومن كان ذا جمل شديد ، وهم بعيد ؛ فليلحق بأرض عمان. فلحقت منهم فرقة بالشام بقود طمر بن عمرو وهو غسان ، ولحق عمران بن عامر وهم الأزد بأرض عمان وبها يومئذ شترن ، ولحقت خزاعة بتهامة ، ولحقت بنو عمرو بن ثعلبة وهم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بيثرب وهي المدينة.
قالوا : وكان ممن بقي بالمدينة من اليهود حين نزلت عليهم الأوس والخزرج ، بنو قريظة وبنو النضير وبنو محمحم وبنو زعوراء وبنو قينقاع وبنو حجر وبنو ثعلبة ، وأهل زهرة ، وأهل زبالة ، وأهل يثرب ، وبنو القصيص وبنو ناغصة وبنو ماسكة ، وبنو القمعة ، وبنو زيد اللات ، وهم رهط عبد الله ، وبنو عكوة وبنو مرانة.
قالوا : فأقامت الأوس والخزرج بالمدينة ، ووجدوا الأموال والآطام والنخل في أيدي اليهود ، ووجدوا العدد والقوة معهم فمكثت الأوس والخزرج معهم ما شاء الله.
ثم إنهم سألوهم أن يعقدوا بينهم وبينهم جوارا وحلفا يأمن به بعضهم من بعض ويمنعون به من سواهم ، فتعاقدوا وتحالفوا واشتركوا وتعاملوا. فلم يزالوا على ذلك زمنا طويلا وأثرت الأوس والخزرج وصار لهم مال وعدد.
فلما رأت قريظة والنضير حالهم خافوهم أن يغلبوهم على دورهم وأموالهم ، فتنمروا لهم حتى قطعوا الحلف الذي كان بينهم ، وكانت قريظة