وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى : يثرب اسم أرض ، ومدينة النبي صلىاللهعليهوسلم في ناحية منها.
وقال ابن زبالة : كانت يثرب أم قرى المدينة ، وهي ما بين طرف قناة إلى طرف الجرف ، وما بين المال الذي يقال له : البرني إلى زبالة.
وكانت زهرة من أعظم قرى المدينة ، قيل : وكان فيها ثلاثمائة صائغ من اليهود.
وقيل : إن تبّعا لما قدم المدينة بعث رائدا ينظر إلى مزارع المدينة ، فأتاه فقال : قد نظرت ؛ فأما قناة فحب ولا تبن ، وأما الحرار فلا حب ولا تبن ، وأما الجرف فالحب والتبن.
قال أهل السير : كان أول من نزل المدينة بعد غرق قوم نوح قوم يقال لهم : صعل ، وفالج. فغزاهم داود النبي عليهالسلام ، فأخذ منهم مائة ألف عذراء ، قال : وسلط الله عليهم الدود في أعناقهم فهلكوا ، فقبورهم هذه التي في السهل والجبل.
قالوا : وكانت العماليق قد انتشروا في البلاد ، فسكنوا مكة والمدينة والحجاز كله ، وعتوا عتوا كبيرا ، فبعث إليهم موسى ـ عليهالسلام ـ جندا من بني إسرائيل فقتلوهم بالحجاز وأفنوهم.
يروى عن زيد بن أسلم أنه قال : بلغني أن ضبعا رؤيت (١) هي وأولادها رابضة في حجاج (٢) عين رجل من العماليق.
وقال : لقد كان في ذلك الزمان تمضي أربعمائة سنة وما يسمع بجنازة!
ذكر سكنى اليهود الحجاز
قال : وإنما كان سبب سكنى اليهود بلاد الحجاز أن موسى عليهالسلام لما أظهره الله على فرعون وأهلكه وجنوده ، وطئ الشام وأهلك من بها ، وبعث بعثا من اليهود إلى الحجاز وأمرهم ألا يستبقوا من العماليق
__________________
(١) كذا في «الوفاء» للسمهودي ، وفي «المغانم المطابة» للفيروز ابادي ، وفي الأصل «ربيت».
(٢) الحجاج ، بكسر أوله وفتحه : العظم الذي ينبت عليه الحاجب.