وتأدبوا لدنيا ، وأجملوا ضيافتنا ، وأحسنوها جزاهم الله عنا خيرا ، ووقاهم بؤسا وضرا ، وضاعت لبعض الأصحاب مكحلة صغيرة في الوادي فبعث شيخ البلد في استقصائها فردها من بعض الناس وأرسلها إلينا في مرحلة أخرى كان الله معهم وأقام الخير لديهم وجعل البركة في وطنهم كان كثير أهلها أهل الأندلس وأهل الأندلس مأمونون من الضر والقبح والبوس.
وهذه القرية لا سور فيها ذات بساتين ومزارع كثيرة وفواكهها (١) قليلة الوجود فلا نظير لها أبدا فمن رآها استعظمها وتعجب منها يستحليها الناظر ، ويتمناها المقيم والمسافر ، فلا يرضى بعد الخبرة بها أحد فراقا ، بل يزداد المرء إليها اشتياقا ، نعم الموت هاذم اللذات فالمقيم يسير به الموت ، ويطلبه الأجل والفوت ، وقد قال بعضهم :
ومن أعجب (٢) الأشياء أنك قاعد |
|
على الأرض في الدنيا وأنت تسير |
وسيرك يا هذا كسير (٣) سفينة |
|
بقوم قعود والقلاع تطير |
كذلك أيام الحياة بأهلها |
|
تمر وأمال الرجال كثير |
فلم يبق آثار لمن كان قبلنا |
|
يموت ويبقى مبعد وأثير |
أتتهم مناياهم وصاروا إلى البلى |
|
ونحن بلا شك كذاك نصير |
وقال الآخر (٤) :
عش ما تشاء أليس الموت آخر ما |
|
ترجو ولا بد أن يأتي لك الأجل |
هذا شبابك قد مرت بشاشته |
|
وفي انتهاز المنايا للفتى شغل |
__________________
(١) في نسخة زيادة كثيرة.
(٢) في ثلاث نسخ عجب.
(٣) في ثلاث نسخ سير.
(٤) هذه الرواية مخالفة لرواية الثعالبي في العلوم الفاخرة ج ١ ص ١١٣.