معاوية قطع يده ورجله وأطلقه وكان على البصرة يزيد بن معاوية فلما دخل البصرة قتله وقال يولد للبرك ولا يولد لأمير المؤمنين ومن ذلك الوقت أمر معاوية باتخاذ المقصورة وأما ابن بكر فأخذه الناس وجلبوه إلى عمرو بن العاص فقتله بقتل خارجة.
وأما الحسن فقد بويع بعد موت أبيه ثم كتب لمعاوية إلى الشام إن حملت شرطي سلمت لك الأمر لما رأيت في ذلك من جمع كلمة المسلمين ثم اشترط عليه شروطا فقبلها معاوية وحملها له قيل انه أخذ منه مائة ألف درهم وقيل أربعمائة ألف دينار وقيل انه شرط عليه ان يمكنه بما في بيت مال المسلمين فمكنه وقد قال صلى الله عليه وسلم فيه ان أبني هذا السيد ويصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فلما أخذ المال خلع نفسه ورجع للمدينة فعوتب من أجل ذلك فقال اخترت الجماعة على الفرقة وحقن الدماء على سفكها والعار ولا النار ثم بعد ذلك كان يمشي لبيت الله الحرام على رجليه والنجائب تقاد بين يديه من كل جانب عشرين مرة يقول استحيي أن ألقى الله ولم أمش إلى بيته وقد خلع (١) عن ماله مرتين لله وعن نصفه ثلاثا وكانت خلافته ستة أشهر وستة أيام تتميما للخلافة التي أشار إليها صلى الله عليه وسلم فانه قال الخلافة بعدي في أمتي ثلاثون سنة ثم ترجع ملكا بعد ذلك فكانت خلافة الحسن تمام الثلاثين سنة بعده صلى الله عليه وسلم ومات الحسن رضي الله عنه ابن سبع وأربعين سنة.
فائدة لما بلغ عمر بن عبد العزيز الغاية في العدل والأنصاف والانتصاف حتى انه نزع ما في يد أقاربه من أموال السلطان وعزل من لا يراه أهلا لذلك أعطوا ألف دينار لخديمه الذي كان يأتيه بطعامه وشرابه وقت أفطاره على أن يلقي له السم في أكله وشربه فلما استقر في جوفه قال للخديم ما الذي حملك على هذا قال ألف دينار أعطيتها قال هاتها فاتاه بها فطرحها في بيت المال وقال له أنج بنفسك قبل أن يراك
__________________
(١) في نسخة انخلع.