نعمة عظيمة وكأني بعدها متجرد فلم يشغلني شيء ولا همني أمر سوى ما أحمل عليه شئوننا وحوائجنا فطلبت الكراء فلم أجده فنويت الإقامة في الينبع بأهلي إذ ذهبت إلى شيخ الركب ليلا ليمهل بالرحيل من الينبع إلى طلوع الشمس ولعلنا نجد ما نحمل عليه بالبيع أو الكراء فرضي هو بالإمهال فلما سمع أكثر الركب بانتظاره أيانا تحزبوا أحزابا إليه وحركوه إلى السفر ليلا قاصدين سبق المصري إحياء لعادة الركب المغربي لأنه يتقدم في الرجعة فاجمعوا على ذلك ولو أداهم إلى القتال زعما منهم أنهم يستطيعون محاربته وذلك سخافة عقل وتصرف ببضاعة وهم وإن سلّمنا تأتّي الحرب منهم فلا نسلم دخولهم مصر إذ فيها أربعة وعشرون بابا وفوقهم الباشا الذي يأتي من مدينة أصطنبول كل عام ما استوفى أحد عامه إلا ذهب وأتى غيره مع القاضي وذلك دأبهم فالعسكر المصري الذي يذهب مع الأمير وقوته غير موجودة في عساكر (١) ما رأيناه وإن ركبنا المغربي من إسكندرية إلى أقصى المغرب ركب واحد إلا الركب الفاسي فانه يذهب في وسط المصري يمشي ليلا وأما المغربي فبالنهار نعم ما طلع ركب من المغرب قط أقوى من ركبنا ذلك العام وقد تعجبوا منه في مصر وفي طرابلس وقالوا فيهما أن هذه الإبل التي كانت في ركبكم لم تكن مولدة من النوق وإنما هي مجتمعة من الحطب أو الرمل حتى صارت في مصر كالمعز فلا تجد أحدا يسأل عنها لكثرتها وقد عم بيعها أرياف مصر وأطرافها من العرب وأكثرها بيع بالدين إلى الرجعة ولم يقتضوا من دراهمها إلا القليل.
نعم وافق الشيخ رأيهم فسافر معهم فبقيت أنا وأهل بلادي ممن شغله أمري بان تخلف معي كسيدي أحمد الطيب وجملة زوارة وسيدي أحمد بن حمود وجملة أهل بلادنا وسيدي محمد الشريف الطرابلسي وأصحابه وسلطان فزان وركبه إلى طلوع الشمس
__________________
(١) في نسخة زيادة غيره.