لاعتدال الهواء فيه وأرضه طيبة المزارع ربوتها أحسن شيء للغرس ونباتها أجمل شيء للضرع فكانت أحسن شيء زرعا وضرعا وكذا خلق أهلها بفتح الخاء أو بضمها أي أوصافهم غير أن الظلم أهلكهم لا سيما حرب الحجاج فإن الله قد انتقم منهم بسببهم حتى تشاءوا بهم واستطاروا من أجلهم ليتسع الطريق وتأمن الوفود ولو لا فضل الله لأنسد الطريق إلى بيت الله الحرام ، وأماكنه الكرام ، فاستمر ذهاب الوفد ، وتمام القصد ، ليصل الإنسان إلى غاية القرب والود ، ولذا أجلاهم الله بجدب الأرض والضد ، جزاء لهم بتمام الحد ، وسعادة لأهل القصد ، ليتم من الله صدق الوعد ، وتزول عنهم موانع الصد ، وليرتاح ذو الشوق من تعب الكد ، فيكون محبا ومجيبا لنداء الفرد ، فيصحو ذو قلق مما أصابه من الوجد ، برؤية الآثار من العد ، ويلتئم بجمع الجمع وذلك حق بالجد ، فالتكاليف والتعاريف تقوى بالمد ، ولأعدائهم تمنعهم الأخذ والصولة فيها لها من ورد ، ولذا تطير العقول والقلوب من قفص الفند ، فيسعد لها أطوارا بالرد ، غير أن نسيم الوصلة يمكنها بعض تمكن في حضرة الود.
هذا وإن المنبعث أقلقه الشوق ، وأزعجه العشق ، فلم ير ما يؤلم في الأماكن الصعبة بمشاهدة آثار المحبوب في الأماكن المرسومة الدالة على الساكن الذي تخيله المصاب فلم يسترح إلا برؤية أثاره فلما أشرف على الرسوم واستحضر وشاهد علو شرفه ، وغريب كنهه ، استفتح باب الملكوت بالملك واستنشق علم الجبروت بسر اللهوت فلم يبق له صحو غير أن منى ، أبقت فيه بعض رؤية المنى ، فتكفه بالمشارع واستمطر العطف في المظاهر وصلى صلاة الجمع في مسجد الفردانية بإمام العرفانية في صلاة العظمة فرفع حجاب الكبرياء بسورة (١) الفرق في عرفة الصمدانية ، فهام
__________________
(١) في نسخة بسوق.