متمسكا بالدين فصعد إليه إلى التعكر ، سبعة من إخوانه الفقهاء ، منهم محمد بن قيس (١) الوحاظي ، ومنهم عبد الله بن يحيى ، ومنهم إبراهيم بن محمد بن زيدان ، وله كانت البيعة ، وهو عمي (٢) ، أخو والدي لأبيه وأمه [٤٦] ، وأخذوا الحصن من الحمل (٣).
وكانت الرعايا من السنة قد قالوا للفقهاء : إذا حصلتم في رأس الحصن فأوقدوا النار ، ففعلوا ذلك ليلا ، فأصبح عندهم على باب الحصن عشرون ألفا ، واستولت الفقهاء على ملك لم يعهد. ووصل الخبر إلى الأمير المفضل بتهامة فسار لا يلوي على أحد ، حتى وصل إلى التعكر (فطلع عزان التعكر ، وصار محاصرا للتعكر) (٤) ، وحصر الفقهاء ، فقامت خولان (٥) في نصرة الفقهاء ، وأقام الحصار عليهم ، ثم رأوا أن خولان خاذليهم ، فقال لهم إبراهيم بن زيدان : لن أموت حتى أقتل المفضل ، ثم أهلا بالموت. فعمد إلى حظاياه من السراري فأخرجهن ، في أكمل زي وأحسنه ، وجعل بأيديهن الطارات ، وأطلعهن على سقوف القصور. بحيث يشاهدهن (٦).
وكان المفضل أكثر الناس غيرة وأنفة ، فقيل : إنه مات في تلك الليلة ، وقال آخرون : امتص خاتما كان في يده ، معدا عنده ، فأصبح ميتا ، والخاتم في فيه ، فكان موته في رمضان سنة أربع وخمس مئة (٧).
ولما مات المفضل طلعت الحرة الملكة من ذي جبلة ، وخيمت بالربادي (٨) على باب التعكر ، وكاتبت الفقهاء ولاطفتهم ، إلى أن كتبت لهم
__________________
(١) في الأصل : قبس.
(٢) أي عم عمارة اليمني.
(٣) انظر حاشية : ٤٦ (كاي).
(٤) زيادة من سلوك ؛ خ.
(٥) عيون : ٧ / ١٧٩ ؛ ياقوت : ٢ / ٤٩٩ ؛ صفة : ٨ ، ٧٤. والمراد بها هنا طائفة من خولان العليا (الصليحيون : ١٦٥ ـ هامش ٢).
(٦) في الأصل : يشاهن.
(٧) والأفضل أن نقول : إنه مات كمدا لشدة غيرته وأنفته (الصليحيون : ١٦٥).
(٨) في الأصل : الريادي. والربادي اسم (للمنطقة التي منها التعكر) الصليحيون : ١٦٥ هامش ٦.