جياش ، واختفى بها في نفق احتفره تحت الأرض ، ثم استقدم أخاه جياشا فقدم ، وأقاما هنالك في الاختفاء.
ثم إن المستنصر العبيدي ـ الخليفة المصري ـ قطع دعوته بمكة ، محمد بن جعفر أميرها من الهواشم : فكتب إلى الصليحي يأمره بقتاله ، وحمله على إقامة الدعوة العلوية بمكة. فسار علي الصليحي لذلك من صنعاء ، وظهر سعيد وأخوه من الاختفاء. وبلغ خبرهم إلى الصليحي ، فبعث عسكرا نحوا من خمسة آلاف فارس (١) ، وأمرهم بقتلهما. وقد كان سعيد وجياش خالفا العسكر ، وسارا في أتباع الصليحي ، وهو في عساكره. فبيتوه في المهجم متوجها إلى مكة ، وكان معه خمسة آلاف من الحبشة ، فلم يغنوا عنه شيئا. فانقض عسكره ، وقيل (٢) تولى قتله جياش بيده وذلك سنة تسع (٣) وخمسين. ثم قتل عبد الله الصليحي ، أخا علي ، في مئة وسبعين من بني الصليحي ، وأسر زوجته أسماء بنت عمه شهاب ، في خمس وثلاثين من ملوك القحطانيين ، الذين غلب عليهم باليمن. وبعث إلى العسكر الذين ساروا لقتل سعيد وجياش ، فأمنهم واستخدمهم ، وارتحل إلى زبيد ، وعليها أسعد بن (٤) عراف. ففر أسعد إلى صنعاء ، ودخل سعيد إلى زبيد ، وأسماء زوجة الصليحي أمامه في هودج. ورأسي الصليحي وأخيه عند هودجها ، وأنزلها بدارها ، ونصب الرأسين قبالة طاقها في الدار.
وامتلأت القلوب منه رعبا وتلقب بنصير الدولة ، وتغلب ولاة الحصون على ما بأيديهم. ودهش المكرم بن علي الصليحي بصنعاء ، وكاد أن يتضعضع أمره ، وكتبت إليه أسماء ، أمه من زبيد تغريه وتقول : إني حبلى من سعيد ، فأدركني قبل أن تقع الفضيحة عليك ، وعلى جميع العرب. فتحيل المكرم في إغراء سعيد بن نجاح بصنعاء على لسان بعض أهل الثغور ، وضمن له الظفر [١٠٩].
__________________
(١) من الأحباش (عمارة كاي ٦١).
(٢) في الأصل : وقتل.
(٣) في الأصل : ثلاث وسبعين.
(٤) في الأصل : أسعد بن شهاب أخو أسماء زوجة الصليحي.