حمير : فلما فعل ذلك الوزير ضاق الأمر على جماعة من أكابر الدولة ولا كضيقة على عثمان الغزي. فإن أموال الغز الذين ماتوا من رفقتة (١) صارت إليه.
فلمّا كاد عثمان أن يخرج من زبيد فيمن معه من قومه ، ويشق العصا دخلت عليه (٢) ، وشربت معه ، وغنت له وردة وغيرها ممن عنده. ولم يكن أحد من أهل تهامة يحجب عن حمير ، لا مغنية ، ولا أم ولد [٨٣] لأن أكثر سراريهم (٣) ومغنيهم من تخريجه وتربيته في داره. وخدم جماعة من ملوك الجبال ، ثم نزل إلى تهامة ، فاختص بصحبة أحمد بن مسعود بن فرج المؤيد صاحب حيس. ثم كتب بعده للشيخ منّ الله الفاتكي ، ومن عند حمير هذا يبتاع السم الذي يقتل به الملوك ، لأن له إخوة وأعمام (٤) في بلاد بكيل. وحاشد (لا) (٥) ينبت هذا الشجر في بقعة من الأرض لبيت هناك (إلا) (٦) لهم ، وهي من حصونهم ، وهم يحتفظون بها كما يحتفظ للديار المصرية بالشجر الذي فيه دهن البيلسان (٧) وأوفى (٨).
وكل من مات من بني نجاح ووزرائهم ، فمن عند حمير بن أسعد (٩) ، حتى كانوا إذا نادموه قالوا له : يا أبا سبأ (١٠) ، نأكل ونشرب ونحن في حسبك ، فيضحك ويقول : نعم. وكان حلو المحاضرة ، كثير المحفوظات ، حسن النادرة ، كثير البذل في ذات الله ، وفي سبيل المعروف ، يترسل بين الملوك من الحبشة فيرقع الخلل ، ويهون الجلل. ثم سكن الكدراء عند
__________________
(١) في الأصل : رفاقه.
(٢) في الأصل : إليه.
(٣) في الأصل : سرايرهم.
(٤) في الأصل : أعماما.
(٥) زيادة من (كاي).
(٦) زيادة من (كاي).
(٧) البيلسان شجر له زهر أبيض صغير بهيئة العناقيد يستخرج منه دهن عطري الرائحة.
(٨) أي أن عناية اليمنيين بشجرهم السام أوفى وأتم من عناية المصريين بشجرهم العطر.
(٩) نقل ياقوت هذه الفقرة في حديثه عن بلاد بكيل (١ / ٧٠٦ ـ ٧٠٧).
(١٠) في الأصل : يا بأسنا.