قال جياش : وعزت نفس أخي سعيد من ذلك المقام ، وشمخ بنفسه حتى عليّ ، وإني لأخوه ابن أمه وأبيه وذلك أني أشرت إليه أن يحسن إلى السيدة أسماء ، ويعفو عمن معها من بني الصليحي ، وهم مئة وسبعون سلطانا ، كان الصليحي يخاف منهم (١) ، أن ينافقوا [من] بعده (٢) ويعفو عمن معها من ملوك قحطان ، وهم خمسة وثلاثون سلطانا ، وأن يكتب على يديها إلى ولدها المكرم بن علي الصليحي : إنا أدركنا ثأرنا ، واسترجعنا ملكنا وقد أحسنا إليك ، وحملنا إليك أمك بصيانة ، والعفو عن بني عمك. وقلت له : والله يا مولانا ، لئن فعلت ذلك ، لا نازعتك قحطان في ملك تهامة ، ولئن كرهت ذلك ليهيجن حفائظها ولتطلبن دخولها. فأجابني سعيد بقول الأول من الشعراء :
لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها |
|
إن كنت شهما فأتبع رأسها الذنبا (٣) |
ثم أمر بالصليحيين فقتلوا عن آخرهم ، رحمة الله عليهم أجمعين. ولقد رأيت شيخا منهم ، التقى الحربة بولده ، فنفذت منهما جميعا ، نعوذ بالله من جهد البلاء.
قال جياش : لا أنسى رأس الصليحي في عود المظلة ، وقراءة المقرىء : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٦) (٤) ، ولا أنسى قول الشاعر (١٣) العثماني (٥) من قصيدة ارتجلها (٦) في ذلك المقام يصف المظلة :
ما كان أقبح وجهه في ظلها |
|
ما كان أحسن رأسه في عودها |
__________________
(١) في الأصل : معهم.
(٢) في الأصل : أن ينافقوا بعد.
(٣) راجع التعليق على الحاشية : ٧٢ (كاي).
(٤) سورة آل عمران ؛ آية : ٢٦.
(٥) عيون : ٧ / ١٢٠ ـ ١٢١ ؛ حاشية : «١٣» (جديد).
(٦) في الأصل : وارتجلها.