وللعرب الذين شرفوا على أصناف الخلائق بسبب صاحب شريعتنا محمد المصطفى صلوات الله عليه ، علوم النسب وعلوم الأمثال ، ومعلوم أن العلم بهذين العلمين عزيز الوجود في يومنا هذا.
وباستثناء العرب ، لا توجد أمة من الروم والتّرك والهند تعرف أسماء أجدادها ، ولهذا السبب ظلت أنساب العرب وأولادهم مصونة محروسة من الشوائب ، وجمعوا بين شرف الآداب وكرم الأنساب.
وما تستوي أحساب قوم توورثت |
|
قديما وأحساب نبتن مع البقل (١) |
والعلم الآخر هو علم التاريخ ، حيث انقرض عهد المؤرخين ، واستقرت همم بقايا الأمم ، في مهاوي القصور والنقصان ، والكل يعرف لذة الجمع والمنع ، وهي لذة ضئيلة إذا ما قيست إلى اللذة الكبرى ، وهي كنسبة حليب الأم إلى الأطعمة اللذيذة لدى الطفل الذي ما إن يمر عليه حولان كاملان ، ويدرك لذات الأطعمة والأشربة حتى لا يعير انتباها لحليب المرضع :
ومن قصد البحر استقلّ السواقيا (٢)
* * *
وما متعة الأعمى من شعاع شمس الصيف؟
* * *
[٥]إذا عدم المرء الكمال فما له |
|
حياة بها يحيا ومال به يبقى |
بل إن نسيم الشمال ، ودبيب شمول الأوزان والألحان ، في النفوس والأبدان ، ليس له ذلك التأثير العجيب الذي لسوانح الفكر في مسارح العلوم والحكم ، كما
__________________
(١) في الإصابة (٥ / ١٢١) الشعر لعمرو بن الهذيل العبدي الربعي.
(٢) من بيت سائر للمتنبي في كافور ، صدره : قواصد كافور توارك غيره.