عليه وآله وسلم وجلسنا حوله كأنّ على رؤسنا الطير.
فجعل يرفع بصره وينظر إلى السماء ، ويخفض بصره وينظر إلى الأرض ، قال عوذوا بالله من عذاب القبر ، قالها مرارا ثم قال : إن العبد إذا كان فى قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا جآءه ملك فجلس عند رأسه فقال أخرجى أيتها النفس الطيبة ، إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج نفسه ، وتنزل ملائكة من الجنة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم أكفان من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوطها ، فيجلسون منه مد البصر ، فاذا قبضها الملك لم يدعوها فى يده طرفة عين.
قال فذلك قوله تعالى : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) ، قال : فتخرج بنفسه كأطيب ريح فتعرج به الملائكة فلا يأتون على جند فيما بين السماء والأرض إلا قالوا ما هذه الروح فيقال فلان بأحسن أسمائه حتى ينتهوا به إلى باب سمآء الدنيا ، فيفتح لهم وتبعه من كل سمآء مقربوها ، حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة ، فيقال اكتبوا كتابه فى عليين ، وما أدريك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون ، فيكتب كتابه فى عليين.
ثم يقال ردوه إلى الأرض ، فانى رعدتهم أنى منها خلقتهم ومنها أعيدهم ومنها نخرجهم تارة أخرى ، قال فيرد إلى الأرض ويعاد روحه فى جسده ، فيأتيه ملكان شديد الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان : من ربك وما دينك فيقول ربى الله ودينى الاسلام.
فيقولان فما تقول فى هذا الرجل الذى بعث فيكم ، فيقول هو رسول الله ، فيقولان ، وما يدريك فيقول : جاءنا بالبينات من ربنا فآمنا