حتى أطلع على غوائل المسائل ، واغوارها وعثر من المعضلات على أسرارها فها هو الآن ملئ بعلم الأصول ، وفروع الاحكام ، غير مقتنع منها بالشروع دون الاتمام ، لعمرى وقد بلغ الغاية القصوى فى الاتقان والاحكام ، يستقل بالاقادة والتدريس وقواعد النظر بالتمهيد والتأسيس لا تزوج عليه شبه التلبيس ، والتدليس.
متى سئل أجاب وإذا أفتى أصاب ويتوب الله على من تاب ، وبحق أقول لو ساعدنى الاقدار والقت إلىّ زمام الاختيار لم أسمح بان يفارق هذه الديار غير أن الجدّ والجد قلّ ما يجتمعان ، والحرص والحرمان لا يفترقان :
ما كلّ ما يتمنى المرء يدركه |
|
تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن |
فكثيرا من بحثت وفتشت وجناح الذل افترشت ، فلم أعثر منه على مزعج غير داعية الارتحال إلى ما بين العمومة والأخوال ورأيته ، ينشد بلسان الحال :
بلاد بها نيطت علىّ تمائى |
|
وأول أرض مس جلدى ترابها |
ولو لا نزوع النفس إلى مسقط الرأس ، ودآئرة الميلاد ، لم ينزل (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) وقد صدق ابن الرومى حيث قال :