عبوره النهروان ، فنهض عبيد الله وعاد المعتضد إلى ما كان فيه وكأنه قد لحقه تعب عظيم ، فاستلقى ساعة ، فقلت له : يا مولاى تأذن فى الكلام قال نعم.
قلت : كنت على سرور وطيب عيش فورد الخبر بأمر كان يجوز أن تأمر فيه غدا بما أمرت الساعة فضيقت صدرك ، ونغصت على نفسك وروعت وزيرك ، وأطرت عقل عياله وأصحابه. باستدعائك إياه فى هذا الوقت المنكر.
فقال يا ابن حمدون ليس هذا من مسائلك ولكنا أذنا لك فى الكلام ، اعلم أن الديلم شر أمة فى الدنيا وأتمهم مكرا وأشدهم بأسا وأقواهم قلوبا ويطير قلبى فزعا على الدولة لو تمكنوا من دخول قزوين سرا فيجتمع منهم فيها عدة فيوقعون يمن فيها وهى انثغر بيننا وبينهم فيطول ارتجاعها منهم ويلحق الملك من الضعف والوهن (بذلك) أمر عظيم وتخيلت أنى إن امسكت عن الله بيرساعة واحدة فات الأمر ، وو الله لو ملكوا قزوين (ساعة) لبغوا على من تحت سريرى هذا واحتووا على دار الملك والمعتضد رحمة الله عليه موصوف بالحزم والكفاية وحسن التدبير وضبط الممالك على أحسن الوجوه.
رأيت فى كتاب التبيان تأليف أحمد بن أبى عبد الله البرقى أنه روى الهيثم أن قزوين كانت ثغرا وكان بعض الأكاسرة قد وجه إليها قائدا فى جمع كثير فأتاهم العدو وهم معسكرون بذلك المكان فاصطفوا لهم واستعدوا للحرب.