فى تاريخ محمد بن جرير رحمهالله إنّ فى سنة ثلاث وأربعين ومائة ندب المنصور الناس إلى غزو الديلم لما بلغه من ايقاعهم بالمسلمين وكثرة فتكهم بهم ، وفى سنه أربع وأربعين ومائة غزا محمد بن أمير المؤمنين أبى العباس عبد الله بن محمد بن على الديلم فى أهل الكوفة والبصرة والموصل والجزيرة ، فأشعرت هذه الدلالات بأن قزوين لم تزل ثغرا فى الجاهلية والاسلام ، وفيما قدمنا من الآثار والأخبار ما يصرح بكونها ثغرا.
هذا صاحب المسالك والممالك يقول قزوين ثغر الديلم ، والبديع أبو الفضل الهمدانى يقول فى إحدى مقاماته غزوت الثغر بقزوين سنة خمس وسبعين والرئيس الأسدى (١) فى سقيا الهيمان يعبر عن القزوينى بالثغرى وكونها ثغرا من وقت إستيلآء الملاحدة دمرهم الله على ديار الديلم وقلاعها أوضح من أن يحتاج إلى شرحه ، وإذا كان بلد من البلاد ثغرا لم يزل حكمه باسلام الكفار الذين يلونه حتى قال علماء الأصحاب لو وقف على ثغر فاتسعت رقعة الاسلام تحفظ ربع الوقف لاحتمال عوده ثغرا.
منها أنها ليست على الجادة التى يسلك فيها من الشرق إلى الغرب ومن أقليم إلى أقليم بل هى مزورة عن الجواد المسلوكة وانما يدخلها من يتحذها مقصد المرابط أو زيارة أو تجارة أو غيرها بخلاف البلاد الواقعة ، على الجواد فانها كثيرا ما يقع منزلا لا مقصدا فلا يكون واردوها قاصدين لها.
__________________
(١) راجع التعليقة.