قال صاحب الكتاب :
«التوكيد
على ضربين».
قد تقدّم أنّ المذاهب ثلاثة ، أحدها : الانسحاب ، والآخر : التقدير ، والآخر : الفرق بين البدل والمعطوف وغيرهما (١) ، وقد أخذ من هذا الخلاف صحّة الوقف على المتبوع على قول من قال بتقدير عامل مثل الأوّل ، فإذا قلت : «جاءني زيد العاقل» ، وكان تقديره «جاءني العاقل» ، كان جملة مستقلّة ، فيستقيم الوقف دونها ، وهذا غير مستقيم ، فإنّه يؤدّي إلى ما لا يتناهى ، لأنّه إذا كان التقدير «جاءني العاقل» كان تقدير العاقل في «جاءني العاقل» «جاءني زيد العاقل» ، ثمّ تقدير العاقل / كذلك إلى ما لا يتناهى ، فظهر فساد ذلك.
وأكثر النّاس على أنّه لا يجوز الوقف على المتبوع دون تابعه وهو الصحيح ، وتمسّك القائلون بالانسحاب في مثل قولك : «جاءني غلام زيد وعمرو» ، وقالوا : لو كان التقدير صحيحا لفسد المعنى ، إذ يتعدّد الغلام ، وهو واحد ، فوجب القول بالانسحاب.
وتمسّك القائلون بالتقدير بقولك : «أعجبني قيام زيد وعمرو» ، إذ لو لا التقدير لم يستقم المعنى ، لأنّ الغرض الواحد لا يقوم بمحلّين ، فوجب أن يكون التقدير «قيام زيد وقيام عمرو».
ومن قال بالتقسيم (٢) تمسّك في الانسحاب (٣) بما تمسّك به أصحابه ، وتمسّك في البدل والعطف بالتكرير صريحا ، كقوله تعالى : (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ)(٤) ، الآية.
والصّحيح الانسحاب في الجميع ، وجواز التقدير في المعطوف مطلقا إن تعدّد في المعنى ، ووجوب الانسحاب إن اتّحد المنسوب إلى المعطوف عليه (٥) ، وفي البدل بحرف الخفض ، والدّليل عليه أنّك تقول
__________________
(١) انظر ما تقدم ورقة : ٣٠ من الأصل ، والكلام على مذاهب النحويين في العامل في التوابع.
(٢) جاء في حاشية د : «ومن قال بالتقسيم ، يعني إن كان بدلا أو عطفا بحرف فتقدير العامل وإلّا فلا». ق : ٧٧ أ.
(٣) في د : «بالانسحاب».
(٤) الأعراف : ٧ / ٧٥. والآية : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ). وانظر ما تقدّم ورقة : ٣٠ من الأصل.
(٥) في د : «إليه» ، تحريف.