وحفرت العين المعروفة بعين المشاش (١) بالحجاز ، وأجرتها من مسافة اثنى عشر ميلا إلى مكة ، وأنفقت عليها ألف ألف مثقال وسبعمائة ألف مثقال ، وأدخلتها مكة وفرقتها في شوارعها (٢) ، وهي العين التي جددها جوبان بعد العشرين وسبعمائة ، ثم انقطعت في عشر الأربعين أو هي الآن مقطوعة.
قيل : كانت زبيدة تلبس الثوب الوشي بخمسين ألف دينار ، وكان دخلها كل يوم عشرة آلاف درهم ، حجت من العراق ماشية في أيام الرشيد.
رؤيت بعد موتها فقيل : ما فعل الله بك؟ فقالت : غفر لي بأول معول ضرب في طريق مكة ، وفي رواية : في عقبة الجمرة ، وفي رواية قالت : ما نفعني إلا ركعات كنت أصليها في كل ليلة قبل السحر ، قال الرائي : ورأيت على وجهها أثر صفرة ، فسألتها عنها ، قالت : دفن بالقرب منا رجل يعرف ببشر المريسي (٣) ، كان يعتقد خلق القرآن ، فزفرت عليه جهنم ، فلم يبق أحد من أهل المقبرة إلا إصفر وجهه (٤).
__________________
(١) المشاش : بالضم ، يتصل بجبال عرفات وجبال الطائف ، وفيها مياه كثيرة وعظائم قنى منها المشاش ، وهو الذي يجري بعرفات ويتصل إلى مكة.
انظر : ياقوت : معجم البلدان ٥ / ١٣١.
(٢) انظر : ابن الجوزي : المنتظم ١٠ / ٢٧٧.
وقد بدأ العمل في عين المشاش سنة ١٩٤ ه ، ووصف الأزرقي العمل في هذه العين والجهود العظيمة من أجل إرواء أهل مكة بالماء ، وكيف تغلب العمال على الحفر في الصخور إلى أن وصلت المياه إلى شوارع الحرم ، حتى صارت مكرمة لأم جعفر.
انظر : الأزرقي : أخبار مكة ٢ / ٢٣١.
(٣) بشر بن غياث ، أبو عبد الرحمن المريسي ، اشتغل بالكلام وجرد نفسه للقول بخلق القرآن ، ت ٢١٨ ه انظر : الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد ٧ / ٥٦ ـ ٦٧ ، ابن الجوزي : المنتظم ١١ / ٣١.
(٤) كذا ورد عند ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٧٨.