وأما الستائر التي كانت في صحن المسجد : فذلك أنه لما قدم أبو جعفر المنصور المدينة سنة أربعين ومائة (١) ، أمر بستور فستر بها صحن المسجد على عمد لها رؤوس كقريات الفساطيط ، وجعلت في الطيقان ، فكانت الريح تدخل فيها فلا تزال العمد تسقط على الناس فغيّرها ، وأمر بستور أكثف من تلك الستور ، وحبال تأتي من جدة تسمى القنبار ، وجعلت مشبكة ، فكانت تجعل على الناس كل جمعة ، فلم تزل حتى خرج (٢) محمد بن عبد الله بن حسن يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين ومائة ، فأمر بها فقطعت / دراريع لمن كان يقاتل معه ، فتركت حتى كان زمان هارون ، فأخذت هذه الأستار اليوم. ولم يكن يستر بها في زمن بني أمية».
قلت : ثم إنها تركت لما جدد الملك الناصر الرواقين (٣).
عن حسين بن مصعب قال : «أدركت كسوة الكعبة يإتى بها المدينة قبل أن تصل إلى مكة ، فتنشر على الرضراض في مؤخر المسجد ، ثم يخرج بها إلى مكة ، وذلك في سنة إحدى وثلاثين ـ أو اثنتين وثلاثين ـ ومائة» (٤).
قلت : وأما الآن فلا يؤتى بها إلى المدينة ، وإنما يؤتى بها صحبة الركب المصري (٥).
__________________
(١) حج المنصور في سنة ١٤٠ ه ، ثم رجع بعد قضاء الحج إلى المدينة ، ثم توجه منها إلى بيت المقدس.
انظر : الطبري : تاريخ الرسل ٧ / ٥٠٣ ، ابن الجوزي : المنتظم ٨ / ٢٧.
(٢) عن خروج محمد بن عبد الله «النفس الزكية» وكيف انتهت ثورته ومقتله يوم الاثنين لأربع عشرة خلت من رمضان سنة ١٤٥ ه.
انظر : ابن الجوزي : المنتظم ٨ / ٦٣ ـ ٦٨.
(٣) قول المؤلف نقله عنه : ابن الضياء في تاريخ مكة ص ١٨٨ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ١٢٣).
(٤) كذا ورد عند ابن النجار في الدرة ٢ / ٣٧٦ عن حسين بن مصعب.
(٥) قول المؤلف نقله عنه : ابن الضياء في تاريخ مكة ص ١٨٨ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ١٢٣).