الفصل الثاني عشر
في ذكر سد الأبواب الشوارع في المسجد الشريف
عن أبي سعيد الخدري قال : خطب النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «إن الله خيّر عبدا بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ، فبكى أبو بكر ، فقلت في نفسي : ما يبكي هذا الشيخ ، أن يكون عبدا خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله؟ فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو العبد ، وكان أبو بكر أعلمنا ، فقال : يا أبا بكر لا تبكي ، إن أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر» (١). وكان باب أبي بكر رضياللهعنه في غربي المسجد» (٢).
وروى ابن عباس رضياللهعنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «أمر بالأبواب كلها فسدت إلا باب عليّ رضياللهعنه» (٣) فسدت.
__________________
(١) أخرجه عن أبي سعيد الخدري : البخاري في صحيحه كتاب الصلاة باب الخوخة والممر في المسجد برقم (٤٦٦) ١ / ١٣٧ وفي كتاب مناقب الأنصار باب هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم برقم (٣٩٠٤) ٤ / ٣٠٦ ، ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي بكر برقم (٢) ٤ / ٨٥٤ ، والترمذي في سننه كتاب المناقب برقم (٣٦٦٠) ٥ / ٥٦٨.
(٢) كانت دار أبي بكر الصديق التي أذن له في إبقاء الخوخة ـ الباب ـ منها إلى المسجد ملاصقة للمسجد من غربيه تقريبا من المنبر.
انظر : ابن شبة : تاريخ المدينة ١ / ٢٤٢ ، ابن النجار : الدرة ٢ / ٣٦٤ ، السمهودي : وفاء الوفا ص ٤٧٣.
(٣) حديث ابن عباس أخرجه التذمري في سننه كتاب المناقب باب مناقب علي برقم (٣٧٣٢) ٥ / ٥٩٩ وقال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه عن شعبة بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه ، وذكره ابن حجر في فتح الباري ٧ / ١٥ وذكر ابن حجر أن هذا الحديث روي عن جابر بن سمرة وقال : «وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا ، وكل طريق منها صالح للإحتجاج فضلا عن مجموعها ، وخطأ ابن حجر تضعيف ابن الجوزي لهذه الأحاديث بتوهمه المعارضة في حديث أبي بكر ، مع أن الجمع بين القصتين ممكن ، ومحصل الجمع أن الأمر بسد الأبواب وقع مرتين ، ففي الأولى استثنى علي ، وفي الأخرى استثنى أبو بكر».