أمرائه «شمس الدين مروان» (١) نائبا عنه في مكة ليكون الحل والعقد في يديه ، ومرجع صاحبي مكة إليه (٢).
وقد وضح من تلك الزيارة أن العلاقة بين الظاهر بيبرس ، وبين أشراف المدينة لم تكن على ما يرام بدليل رفضهم مقابلة السلطان ، وفرارهم منها خوفا منه ، مما يدل على إحساسهم بثقل وطأة الحكم المصري عليهم (٣).
ولم تستقر الأوضاع لدولة المماليك في الحجاز بعد عهد بيبرس ، إذا استمرت الخلافات بين الأشراف في مكة والمدينة تثير مشاكل عديدة في وجه دولة المماليك.
وظل الأمر كذلك حتى تولى السلطان الناصر محمد بن قلاوون سلطنة مصر ـ ولا سيما في الفترة الثالثة ٧٠٩ / ٧٤١ ه ـ فاهتم بشؤون مكة والمدينة ، وأعانه على بسط قبضته على الحجاز ، ذلك الخلاف الذي تجلى بين أمراء مكة والمدينة ، والتجاء المنهزم منهم إليه ، ليستمد العون والنصرة ـ بعد الله ـ منه ، فقد استغل استنجاد الشريف منصور بن جماز (٤) له على ابن
__________________
(١) مروان الظاهري شمس الدين ، أمير مكة ، حج مع الظاهر بيبرس في سنة ٦٦٧ ه ، فسأل أمير مكة إدريس ، وابن أخيه أبي نمي السلطان بيبرس أن يولي من جهته نائبا تقوى به نفسهما ، فرتب السلطان مروان هذا ، أخرجه أشراف مكة من مكة في سنة ٦٦٨ ه.
انظر : الفاسي : العقد الثمين ٧ / ١٧٢.
(٢) انظر : ابن عبد الظاهر : الروض ص ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، المقريزي : الذهب في ذكر من حج من الخلفاء ص ٩١ ـ ٩٢ ، الفاسي : العقد الثمين ٧ / ١٧٢.
(٣) انظر : المقريزي : السلوك ١ / ٥٨٠ ـ ٥٨٢ ، سعيد عاشور : العصر المماليكي ص ٢٣٩.
(٤) منصور بن جماز بن شيحة الحسيني ، أمير المدينة المنورة ، قتل في رابع عشرين شهر رمضان سنة خمس وعشرين وسبعمائة ، فكانت مدة ولايته على المدينة ثلاثا وعشرين سنة وأياما.
انظر : ابن تغري : النجوم الزاهرة ٩ / ٢٦٤.