تلويح فيما شوهد من العجائب في قتلى الجهاد : حكى عبد الله بن ماتك (١) قال حدثني المصري قال : صحبنا رجلا وكان لا يأكل ولا يشرب ، قلنا له : فما خبرك؟ قال : غزونا في أربعمائة ، فخرج علينا العدو فأثبنا كلنا ، وجرحت أنا في القتلى ، فرأيت جواري بأيديهن كاسات ، فصبوا في أفواه القتلى ، فغمضت عيني حتى وصلوا إليّ فقالوا : صبوا في حلق هذا وعجلوا قبل أن تغلق أبواب السماء ، قالت : أسقيه (٢) وفيه رمق؟ قالت : لا بأس فصبت في حلقي ما لم أذق طعم شيء مثل طعمه ، فمنذ شربته لم أحتج إلى طعام ولا شراب.
وقال أيضا حدثني محمد الوراق قال : كان بالأوس رجل أسود يقال له : مبارك ، وكان يقول : أنا أسأل الله أن يزوجني بحور العين ، فغزونا ، فقتل مبارك ، فمررت به ، فرأيت رأسه ناحية وهو منكب على بطنه ويده تحت صدره ، فقلنا له : يا مبارك كم زوجك الله من الحور العين؟ فأخرج يده من تحت صدره ، وأشار بثلاث أصابع ـ يعني ثلاثة.
وروي أن أسلم الحبشي (٣) ، وكان مملوكا لعامر اليهودي يرعى غنما له ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو محاصر بعض حصون خيبر (٤) فأسلم ، وقال [له](٥) النبي صلىاللهعليهوسلم : «اضرب وجه الغنم سترجع إلى ربها» ففعل ، فرجعت
__________________
(١) في (ط): «عبد الله بن مالك».
(٢) في الأصل : «السقية» وما أثبتناه من (ط).
(٣) أسلم الحبشي الأسود ، كان مملوكا لعامر اليهودي يرعى غنما ، أسلم عند حصار خيبر ، وتقدم فقاتل مع المسلمين ، فأصابه حجر فقتل وما صلى لله صلاة قط.
انظر : ابن عبد البر : الاستيعاب ١ / ٨٥ ، السيوطي : رفع شأن الحبشان ص ٢٩٩.
(٤) يقال له حصن العموص كما ورد في رواية البيهقي في الدلائل ٤ / ٢١٩.
(٥) سقط من الأصل والاضافة من (ط).