وادي نعمان (١) ، فصار ذلك المكان وطنا لهم ، ونعمان وادي عرفة ، ثم قال : فهذا يدل على أن ذلك المكان أول وطن ، والنفس أبدا تنازع إلى الوطن ، وليس لقائل أن يقول : هذا شيء لا تتخايله النفس فكيف تشتاق إليه؟ لأن النفس كانت في أحوال وتقلب ، فنسيت ، كما أن الإنسان قد يميل إلى شخص ، فلا يدري لم ذلك ، ثم يظهر بينهما تشاكل أوجب ذلك أو مناسبة ، ثم ليس نسيان النفس لذلك المعهد بأعجب من نسيانها للعهد ، والأوطان أبدا محبوبة.
وقيل لتلك المحبة ثلاثة أسباب :
الأول : ما ذكرناه. / الثاني : دعاء الخليل عليهالسلام بقوله : (فاجعل أفئدة من الناس) (٢). قال ابن عباس : [رضياللهعنهما](٣) تحن إليهم ، قال : وأراد حب سكنى مكة ، ولو قال : فاجعل أفئدة الناس لحجة اليهود والنصارى (٤).
الثالث : جاء في الحديث : «إن الله تعالى ينظر إلى الكعبة ليلة النصف من شعبان فتحن القلوب إليها» ، وقد روي عن النبي ، صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : «ليلة النصف من شعبان تنسخ فيها الآجال ويكتب فيها الحاج» (٥). ذكره محب الدين الطبري في «التشويق إلى البيت العتيق».
__________________
(١) وادي نعمان : بالفتح ثم السكون ، وهو نعمان بن الأراك ، واد بين مكة والطائف ، وهو وادي عرفة. انظر : ياقوت : معجم البلدان ٥ / ٢٩٣.
(٢) سورة إبراهيم آية (٣٧).
(٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).
(٤) أخرجه القرطبي في الجامع ٩ / ٣٧٣ ـ ٣٧٤ عن ابن عباس.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة بالمصنف ٣ / ١٠٣ عن عطاء بن يسار ، والطبري في تفسيره ٢٨ / ١٠٩ عن عكرمة ، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٧ / ٤٠١ وعزاه للطبري عن عكرمة وابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار.