هؤلاء ، فتتبعوا آثارهم فنزلوا بالعالية على واديين يقال لهما : مذينب ومهزوز (١) ، وبنوا النضير على مذينب ، وبنو قريظة وهدل على مهزوز ، وكانوا أول من احتفر بها البيار ، واغترس الأموال وابتنى الآطام والمنازل ، فكان جميع ما ابتنى اليهود بالمدينة من الآطام تسعا وخمسين أطما (٢).
الآطام : الحصون ، واحدها : أطم. قال أبو سليمان الخطابي (٣) : هو بناء من الحجارة ، ومثله الآجام والصياصي.
الفصل الخامس
في ذكر نزول أحياء العرب على يهود (٤)
وذلك أن قرا وأسواق كانوا من يهود بني إسرائيل ، وكان قد نزلها عليهم أحياء من العرب وابتنوا معهم الآطام والمنازل قبل نزول الأوس والخزرج ، وهم : بنو أنيف حيّ من بلي (٥) ، ويقال : أنهم من بقية العماليق ،
__________________
(١) مذينب : بضم الميم وفتح الذال وسكون الياء ، شعبة من سيل بطحان ، يجتمع مع وادي مهزور بمشارق بني قريظة.
ومهزور : بفتح الميم وسكون الهاء وضم الزاي بعدها واو ثم راء ، هو وادي بني قريظة في عالية المدينة. فمذينب ومهزور يهبطان من حرة تنصب منها مياه عذبة.
انظر : ياقوت : معجم البلدان ٥ / ٢٣٤ ، الفيروز أبادي : المغانم المطابة ص ٣٧٣ ، ٣٩٨ ، السمهودي : وفاء الوفا ص ١٠٧٥ ـ ١٠٧٧.
(٢) الأطم : الحصن العالي. انظر : ابن منظور : اللسان مادة «طم».
(٣) الخطابي هو : حمد بن محمد بن إبراهيم ، أبو سليمان الخطابي ، الحافظ اللغوي (ت ٣٨٨ ه).
انظر : الذهبي : سير أعلام ١٧ / ٢٣ ، ابن تغري : النجوم الزاهرة ٤ / ١٩٩.
(٤) الفصل الخامس من أوله حتى نهايته ورد بعبارة المصنف في : الدرة الثمينة لابن النجار ٢ / ٣٢٥ ، تاريخ المدينة للنهرواني (ق ٥).
(٥) بلى : بفتح الباء فكسر اللام ، وياء آخر الحروف ، بطن من قضاعة من القحطانية ، وهم بنو بلى بن عمرو. انظر : القلقشندي : نهاية الأرب ص ١٨٠.