متفرنجي الترك هم الذين يذبون عن حياض الخلافة ويسمون ذمار الخليفة في سبيل الإسلام وإعلاء شأن المسلمين ، وظن فيهم خيرا فأحبهم من أجل ذلك ، مدفوعا إلى هذا الحب بدافع الغيرة الإسلامية أيضا.
وإذا كان الحب والبغض إنما هو لله ، وفي سبيل الله ، فهو حينئذ في محله ، بل إنّ ذلك الفريق يشكر عليه ، لأن حبه وبغضه ناشىء عن غيرة إسلامية وحمية دينية ، ولكنا وإن شكرنا لهذا الفريق غيرته على الإسلام ، فإننا وإياه لا نختلف في أن الواجب يقضي عليه بالتثبّت أولا وقبل كل شيء ، حتى يعرف الحقيقة من أساسها ليبني حبّه أو بغضه على أساس صحيح.
هنا يجدر بنا أن نقول : لقد ظهر من شبان الترك ما أثبت للملأ بأجلى وضوح أن العالم الإسلامي كله على خطأ واضح في حسن ظنّه بهم وعقيدته فيهم بما صاحوا به اليوم جبرا ، فما كان العرب يذكرونه عنهم بالأمس ويحذرون العالم الإسلامي من سوء عواقبه ، فلا بدع إذا ما رأينا العالم الإسلامي اليوم وفي مقدمته ذلك الفريق المحترم قد انقلب عليهم وتحولت عقيدته فيهم ، وتبدّل حبّه لشبان الترك بغضا ، واحترامه لجهادهم امتهانا وازدراء.
وبذلك أثبت أنه إنما يحب ويبغض لله ، وفي سبيل الله وحده ، لا لغرض أو مرض. ولقد كان من مقتضى هذا أن يكون العكس أيضا من جهة بغضه للعرب. ما دامت علة البغض قد زالت ، بما وضّح من أمر الكماليين ، ومقدار عسفهم وصدق العرب وحسن نيتهم ، وجليل خدمتهم للإسلام والمسلمين.