فقال لها : إن ضيفنا البارحة من أهل المروءة والكرم ، فإن رزقنا الله ولدا ذكرا أسميناه على اسمه مدلج ، فولدت ذكرا ، فسمّاه مدلج.
ونشأ مدلج في بلد أشيقر في حجر أبيه ، ثم صار له بعد أبيه شهرة عظيمة ، واجتمع عليه جماعات من قرابته ، ومن بني وائل ، وتمكنوا في أشيقر بالمال والرجال والحراثة ، فخافوا منهم الوهبة أهل أشيقر أن يطمعوا في البلد ، فتمالؤوا الوهبة على إجلائهم من البلد ، بلا تعد منهم في دم ولا مال.
وكان أهل أشيقر قد قسموا البلد قسمين ، يوم يخرجون الوهبة بأنعامهم وسوانيهم للمرعى ، ومعهم سلاحهم ، وذلك أيام الربيع ، ويقعد بنو وائل في البلد يسقون زروعهم ونخيلهم ، ويوم يخرج فيه بنو وائل بأنعامهم وسوانيهم ويقعدون الوهبة ، يسقون زروعهم ونخيلهم ، فقال بعض الوهبة لبعض ، إن الرأي إذا كان اليوم الذي يخرج فيه بنو وائل للمرعى ، وانتصف النهار ، أخرجنا نساءهم ، وأموالهم ، وأولادهم خارج البلد ، وأغلقنا أبواب البلد دونهم ، وأخذنا سلاحنا ، وجعلنا في البروج بواردية يحفظون البلد ببنادقهم ، فإذا رجع بنو وائل منعناهم من الدخول.
ففعلوا ذلك ، فلما رجع بنو وائل آخر النهار منعوهم من الدخول ، وقالوا لهم : هذه أموالكم ، ونساؤكم ، وأولادكم قد أخرجناها لكم ، وليس لنا في شيء من ذلك طمع ، إنما نخاف من شرور تقع بيننا وبينكم ، فارتحلوا عن بلدنا ، ما دام نحن وأنتم أصحاب ، ومن له زرع ، فيوكل وكيلا عليه منا ، ونحن نقوم بسقيه حتى يحصد.
وأما بيوتكم ونخيلكم ، فكل منكم يختار له وكيلا منا ، يوكله على