بحسن نيته فأرسل إليه ابن لؤي من الأشراف يطلب أن يعترف فيصل بخراج سنوي ضئيل يؤديه للحكومة دليلا على طاعة الحكومة.
١٢٦٣ ه
رجوع الشريف إلى الحجاز
فأبى أولا ثم وافق أخيرا ، إذ علم أن لا قصد للشريف إلّا أن يبرر عمله عند حكومة الترك ، فكان هذا الاعتراف بالخراج حبرا على ورق إذ تقدر ولم تسلم.
أما ابن بشر فقد عزى خروج الشريف إلى أن رجال من أهل القصيم حملوه على الخروج ، كعادته في مثل هذه الأمور ، فهو لعدم اطلاعه على مجاري السياسة ، وضيق تفكيره ، وقصور نظره ، إذا أعياه فهم أسباب الحوادث نسبها إلى أهل القصيم ، لأنهم بنظره أقدر الناس على الاتصال بالأمراء والملوك ، هذا من جهة ومن الجهة الأخرى اتهامه إياهم بعدم الإخلاص للولاية ، وأنهم دائما يسعون ضدهم ، ولا غرابة في ما يراه ابن بشر لأن ليس هذا رأيه وحده بل قد ظهر إثر ذلك في سياسة ملوكنا وأمرائنا كما ترى فيما يأتي إن الإمام فيصل عزل أولاد سليمان بن زامل عن إمارة عنيزة بحجة أن لهم يدا في مجيىء الشريف إلى نجد ، وأنهم استقبلوه حينما نزل عنيزة ، ولا نعلم ماذا يريد منهم أن يعملوا ما دام أنه لم ير أحدا في مقاومة الشريف ، وما دام أن الشريف قد كتب لأهل البلدان أنه لم يأت محاربا ولكن هي السياسة متى أرادت شيء خلقت له ما يبرره ولو ظاهرا على الأقل. وإن زمننا لم يتأخر عن زمن ابن بشر أكثر من خمسين سنة ، فقد اتضح لنا في هذه المدة الوجيزة كثير مما جهله ابن بشر