أراد الله أن يجعل فشله أمام أضعف قرية في نجد ، فنزل على قصر بسام (البرود) المعروف في السر ، وليس في هذا القصر أكثر من ثلاثين رجلا ، فحاصره عدة أيام ، وضربه بالمدافع ليلا ونهارا ، فلم يدرك من أهله مراما ، بل دافعوا عنه دفاع الأبطال ، فارتحل عنه وتركه. ولما بلغ الشريف غالبا فشل أخيه أمام هذا القصر ، جهّز قوات لا تقل عددا وعدة عما تقدم وقادها بنفسه ، واجتمع بأخيه وانضمت قواتهما ، فنزلوا الشعرا القرية المعروفة في عالية نجد وحاصروها أكثر من شهر فرجع عنها كما رجع عن قصر بسام ، حينئذ علم أن الدرعية أمنع عليه من عقاب الحبر ، فرجع إلى الحجاز دون أن يدرك أية نتيجة.
البوادي التي ساعدت الشريف
عند ما رجع الشريف وتفرقت جنوده ، اجتمع شمر ومطير ونزلوا العدوة ـ المزارع المعروفة عند حايل ـ خوفا من ابن سعود لعلمهم أنه لا يغتفر لهم عملهم ، فلم يخب ظنهم ، فقد أغار عليهم سعود وهم في موضعهم ، وحصل بينهم قتال شديد ، ثم انهزم الأعراب وغنم كثيرا من أموالهم ، وقتل منهم سعود رئيس الجبلان الثقب : حصان إبليس ، وسمرة : الفارس المشهور رئيس العبيات من مطير ، فاستنفر الأعراب من حولهم من شمر ممن لم يحضر الوقعة فأجابوهم وكروا على سعود وهو في منزله يقسم الغنائم ، وكان في مقدمتهم مسلط بن مطلق الجرباء من رؤساء شمر ، وقد نذر أن يجشم فرسه خيمة سعود أو يقتل دون ذلك ، فثبت سعود لجماعتهم وتقدم مسلط ليتم نذره فاختطفه جنود سعود وقتلوه قبل أن يصل ، واشتد القتال وصبر الفريقان ، ثم انهزمت تلك البوادي ،