وإنا مصبحوكم غدا
، فخذوا حذركم ، واستعدوا للصباح. فبهت الدويش والجبلان لهذه المباغتة ، فراجعوا
ابن هذال وقالوا : إن هذا مخالف للقواعد الجارية بين القبائل ، فاجعلوا لنا مهلة
ثلاثة أيام بعد الإنذار ، حسب القواعد للنظر في أمرنا ونرتحل عنهم ، وبعد انتهاء
الأيام أنتم وما تريدون ، فلم يجبهم وصمم على أمره. فرجعوا من عنده آيسين لا
يعلمون كيف يعملون ، ورأوا أنفسهم بالنسبة إلى عنزة طعمة جاهزة ، لأنهم يفوقونهم
عددا وعدة ، وأيقنوا بالهلاك ، ولكن اليأس يوجد من الضعف قوة ، فباتوا يدبرون
أمرهم وقد صمموا على الاستماتة للدفاع عن أموالهم وأنفسهم ، فجمعوا الإبل وقرنوها
كراديس مجتمعة ، ورتّبوا الخيل والرجالة ، وعرف كل منهم موضعه ، فلما ظهر قرن
الشمس كان عليهم الرجوع إلى عنزة قد أقبلت تتقدمها الخيل فاستعدت مطير ، فساقوا
قدامهم الإبل مقرونة ومن ورائها الخيل ، ومن ورائهم الرجالة ، قد دهمتهم الإبل ،
وفرقت جموع عنزة وشتتهم. فطلع عليهم أهل الخيل ومن ورائهم الرجالة ، فانهزمت جموع
عنزة ، فقتلهم مطير شر قتلة إلى أن وصلوا إلى جبل كير ـ الجبل المعروف غربي الرس ـ
وكان آل هذا قد التجأوا إليه ، وهم سبعة من الرؤساء منهم جديع بن هذال ، ومقعد بن
مجلاد ، فأنزلوهم وقتلوهم ، وفي ذلك يقول شاعر عنزة يرثي آل هذال :
يا كير ما عيّنت
ربع لجوا فيك
|
|
خطلات الأيدي
تقوي أولاد وائل
|
يقول الشاعر
مخاطبا الجبل الذي لجأ إليه آل هذال : يا كير ، ما عينت : أي ما رأيت ، ربع لجوا
فيك : أي جماعة لجأوا إليك ، خطلات الأيدي : يصفهم بالشجاعة والكرم ، نقوة : أي
خيار أولاد وائل.
وقال رئيس الجبلان
حصان إبليس ـ يصف هذه الوقعة للإمام