لا تعطي الجزل ولا تحكم بالعدل فغضب عمر ، فقال حرّ بن قيس وكان أخا عيينة لأمه : يا أمير المؤمنين إن الله يقول : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [الأعراف : ٧٧] ، فسكن غضبه ، وكان وقافا عند كتاب الله ، وقصته مع أبي شجرة مشهورة ، فإنه لما أتاه وهو يقسم الفيء سأله ، فعلاه بالدرة حتى غشيه الدم وهو يقول :
شح عني أبو حفص بنائله |
|
وكل مختبط يوما له ورق |
ما زال يضربني حتى رهبت له |
|
وحال من دون تلك الرغبة الشفق |
وقد خرجنا مما نحن فيه ولكن لا يخلو من فائدة إن شاء الله تعالى ، وإنما المقصود التنبيه على ما أوقع الله من الأمن في هذه المملكة ، والأسباب مجالبة والله أعلم.
رجعنا إلى ما نحن فيه ، وكان ما يحمل إلى الدرعية في زمنه وزمن ابنه سعود من الأموال والزكوات والأخماس ، وغير ذلك من السلاح والخيل العتاق والإبل من غير ما يفرق على أهل النواحي والبلدان ، وضعفائهم وضعفاء البوادي لا يحصيه العدو.
أخبرني أحمد بن محمد المدلجي قال : كنت كاتبا لعمال علوي من مطير مرة في زمن عبد العزيز ، فكان ما حصل منهم من الزكاة في سنة واحدة إحدى عشر ألف ريال قال : وكان عمال بريه من مطير رئيسهم عبد الرحمن بن مشاري بن سعود ، فكان ما جبا منهم اثني عشر ألف ريال ، ومن هيتم سبعة آلاف ريال ، فكانت زكاة مطير ومن تبعتهم في تلك السنة ثلاثين ألف ريال ، وكانت عنزة أهل الشام وبوادي خيبر وبوادي الحجويطات المعروفات ، ومن في نجد من عنزة يبعث إليهم عوامل كثيرة ويأتون منهم بأموال عظيمة.