وفي سنة ١٢٤٠ ه (أربعين ومائتين وألف): جهز السلطان عرضي عسكرا جرار لمحاربة المورا وهي من بلاد اليونان وأصلها كانت في حكم الدولة العلية ، فلما سعت الدولة بقتل بعض الينكجرية عصت المورة ورامت الاستقلال والخروج عن طاعة الدولة العثمانية ، وممن خرج بعسكره معاونا للسلطان محمود إبراهيم باشا بن محمد علي باشا والي مصر فتوجّهوا للحرب ونصرهم الله ، وفتحوا جملة بلدان من المورا ونهبوا وسبوا ، واستمر الحرب فيها إلى سنة ألف ومائتين واثنين وأربعين ، وبعد ما فتحوها جملة ، أعان أهل المورا جميع نصارى الدنيا من جميع دول الإفرنج على خروجهم عن حكومة الدولة العثمانية واستقلالهم ، وكانت الدولة العثمانية إذ ذاك قليلة العساكر لأنه أثر قتله الينكجرية فما وسع الدولة إلّا الصلح بخروج المورا عن تسلط بني عثمان ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
وفي آخر تلك السنة تحرّك محمد بيك الكتخدا وشرع في الإفساد وانضم إليه جماعات من رعاع الناس وسفهائها ، وادّعى وزارة بغداد ، ودخل الحلة وملكها ، وإنما دخلها باستدعاء المفسدين من أهلها ، وبعض أوبائها ، فلما بلغ الوزير المترجم نقض أهل الحلة العهد جهّز عسكرا وقصدها لإخماد نار الفتنة.
فلما قرب الحلة التقى عسكره مع عسكر الكتخدا ، ونشب بينهم القتال ، وممن أظهر الشجاعة في ذلك اليوم من عسكر الباشا عقيل وتبينوا فيه وأدوا سيوفهم من دم البغاة ، ففي آخر النهار كانت الهزيمة على عسكر الكتخدا ، وقتلوا شرّ قتلة ، وتشتتوا شذر مذر وفرّ محمد بيك الكتخدا ،