الطاعة ، لأن فيها جملة من أهالي ديانة الوهابية المتعصبون على دينهم ، فأنذرهم الباشا فلم يسمعوا ، فصبّ عليهم نيران الأطواب حتى ترك سور بلدتهم كأن لم يكن ، فغارت الخيل عليهم من جميع الجهات فأبادتهم إلى آخرهم الرجال والشباب والشيب ، ولكن لعفّة إبراهيم باشا ، حجز العسكر عن النساء ، فسافر إبراهيم باشا قاصدا بلدة مسيلمة الكذّاب ، ألا وهي الدرعية ، فأوّل ما وصلها أمر بقطع النخيل ، وحاصر البلدة ، وطلب من ابن سعود مواجهة السلطان محمود ، وتركه لهذه البدعة التي سفكت دماء المسلمين ، وأخربت جزيرة العرب ، فلم يرض عبد الله بن سعود ، بل طلب الحرب والنزال والطعن والقتال ، فحاصرها الباشا ، ورمى على البلدة بالمدافع ، وصبّ عليها من الكلل ما يزيد عن المطر ، حتى أذلّ البلدة ، وأهلك أكثر أهلها ، وخرّبها إلى أن صارت قاعا صفصفا.
فبعد فتحها بيومين ربط عبد الله بن سعود ، وأرسله إلى السلطان محمود ، وصار فتحها في التاسع من ذي القعدة الحرام ، وهذا الفتح الذي أعزّ الله به الدين.
وفي تلك السنة أرسل داود باشا والي بغداد محمّدا وماجدا ابني عرع الخالدي الحميدي ، ومعهما قبائلهما لأجل فتح الحسا والقطيف ، فسارا وحاربا من كان فيها من عسكر ابن سعود ، وفتحا الحسا والقطيف بعد حروب طويلة ، وفرّ عسكر ابن سعود إلى حيث لا يعلم خبرهم لأنه لا معقل لهم ، حتى حيث أخذت الدرعية ، وانمحت شوكة الوهابيين من الدنيا ، وصار الباقون منهم يتوارون في الأحجار في البوادي كالجرابيع والأرانب حتى إنه ذهب بعض المفسدين.